الصفحة 27 من 141

والظاهر أن هذا الإسناد لا يصحُّ على منهج المحدِّثين لانقطاعه بين الجوهري وابن سماعة، ولعدم جزمنا بأن أبا طاهر الحسيني المترجم في «السير» هو نفسُه الذي في هذا الإسناد، لكن مثل هذا يُتسامح في عدم وقوفنا على ترجمته، فقد ضاعت تراجم كثيرين مثله لأنهم ليسوا من رواة الحديث، ولبُعدِ ديارِهم، وضياعِ كثير من كتب تواريخ تلك البلاد، وعدمِ اهتمام المشارقة بتراجم غير المحدِّثين من تلك الديار (1) ، وتأخّر تدوين تراجم الحنفية، إضافةً إلى النظر في حال الأئمة الثقات الذين رووا هذه الرسالة بهذا الإسناد، ونقلهم إياها لِمَن بعدهم به، وتلقِّيهم لها بالقبول، بل تلقِّي الحنفيَّة جميعاً لها بالقبول ــ كما سلف نقلُه عن الزَّبيدي بتوسع ــ يغني عن البحث في الإسناد عند جماعة من أهل العلم، وهذه القرائن جميعها مع هذا الإسناد توثِّق نسبة هذه «الوصية» إلى الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه.

ثم يُقال لِمَن لم يقتنع بهذا إننا ننشر شرح هذه الرسالة كعقيدة للبابرتي الذي ارتضاها فشرحها، ثم ننشره كعقيدة للحنفية الذين تواردوا على قبول ما فيها، فما في هذا الكتاب يُمثِّل عقيدة البابرتي أولاً، وعقيدة الحنفية ثانياً، سواء صحَّت نسبةُ المتن إلى الإمام الأعظم أبي حنيفة أم لم تصح. والله تعالى أعلم.

(1) وتذكَّر ما قاله الحافظ الذهبي رحمه الله في «السير» في ترجمة الحافظ أحمد بن علي السليماني محدِّث ما وراء النهر: حدَّث عنه جماعةٌ لا نعرفهم بتلك الديار.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام