فهرس الكتاب
الصفحة 261 من 346

قال ابن القيم رحمه الله: فقد اختلف الناس في هذا، فقالت طائفة: تموت الروح وتذوق الموت، لأنها نفس، وكل نفس ذائقة الموت، قالوا: وقد دلت الأدلة على أنه لا يبقى إلا الله وحده، قال تعالى {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27) } (__) وقال تعالى {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} (__) قالوا: وإذا كانت الملائكة تموت، فالنفوس البشرية أولى بالموت، قالوا: وقد قال تعالى عن أهل النار أنهم {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} (__) فالموتة الأولى هذه المشهودة، وهي للبدن والأخرى للروح وقال آخرون: لا تموت الأرواح، فإنها خلقت للبقاء، وإنما تموت الأبدان قالوا: وقد دلت على هذا الأحاديث الدالة على نعيم الأرواح، وعذابها، بعد المفارقة إلى أن يرجعها الله في أجسادها، ولو ماتت الأرواح، لانقطع عنها النعيم والعذاب، هذا مع القطع بأن أرواحهم قد فارقت أجسادهم، وقد ذاقت الموت، والصواب أن يقال موت النفوس هو مفارقتها لأجسادها، وخروجها منها، فإن أريد بموتها هذا القدر، فهي ذائقة الموت، وإن أريد أنها تعدم وتضمحل وتصير عدماً محضاً فهى لا تموت بهذا الإعتبار، بل هي باقية بعد خلقها في نعيم، أو في عذاب، كما صرح به النص، أنها كذلك حتى يردها الله في جسدها. (__)

المبحث الأول

تلاقيِ أرواحِ الموتى، وأرواحِ الأحياءِ

قال تعالى {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا. . . . .} (__)

قال ابن عباس - رضي الله عنه - وغيره من المفسرين: إن أرواح الأحياءِ والأمواتِ، تلتقي في المنام فتتعارف ما شاء الله منها، فإذا الرجوع إلى الأجساد، أمسك الله أرواح الأموات عنده، وأرسل أرواح الأحياء إلى أجسادها. (__)

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام