فهرس الكتاب
الصفحة 252 من 346

فليس للأرواح سعيدِها، وشقِيها مستقر واحد، بل روح في أعلى عليين، وروح أرضية سفلية لا تصعد عن الأرض، وأنت إذا تأملت السنن والآثار في هذا الباب، وكان لك بها فضل اعتناء، عرفت حجة ذلك، ولا تظن أن بين الآثار الصحيحة في هذا الباب تعارضاً، فإنها كلها حق يصدق بعضها بعضاً، لكن الشأن في فهمها، ومعرفة النفس، وأحكامها، وأن لها شاناً غير شأن البدن، وأنها مع كونها في الجنة، فهي في السماء، وتتصل بفناء القبر وبالبدن فيه، وهي أسرع شيء حركة، وانتقالاً، وصعوداً، وهبوطاً، وأنها تنقسم إلى:-

مرسلةٍ ومحبوسةٍ، وعلويةٍ، وسفليةٍ، ولها بعد المفارقة صحةٌ، ومرضٌ، ولذةٌ، ونعيمٌ، وألمٌ، أعظم مما كان لها حالَ اتصالها بالبدن بكثير، فهنالك الحبسَ، والألمَ، والعذابَ، والمرضَ، والحسرةَ، وهنالك اللذةَ، والراحةَ، والنعيمَ، والإطلاقَ، وما أشبَه حالِها في هذا البدن، بحال ولد في بطن أمه، وحالها بعد المفارقة، بحاله بعد خروجه من البطن إلى هذه الدار، فلهذه الأنفسِ أربع دور، كل دار أعظم من التي قبلها:

الدار الأولى: في بطن الأم، وذلك الحصر، والضيق، والغم، والظلمات الثلاث.

والدار الثانية: هي الدار التي نشأت فيها، والفتها واكتسبت فيها الخير والشر، وأسباب السعادة، والشقاوة.

والدار الثالثة: دار البرزخ، وهي أوسع من هذه الدار، وأعظم، بل نسبتها إليه، كنسبة هذه الدار إلى الأولى.

والدار الرابعة: دار القرار، وهي الجنة، أو النار فلا دار بعدها. (__)

المبحث الثاني

تلاقي أرواحُ الموتى وتعارُفُها وتزاوُرُها

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام