فإذا كان ذلك مُحتمِلاً من المعاني ما وصفنا، فليس لموجِّهه إلى أنه معنىٌّ به أنه لا يَسمع ميتٌّ شيئاً بحالٍ حجةٌ، إذ كان لا خَبر بذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُصَحِّحه، ولا في الفعل شاهد بحقيقته، بل تأويلُ مخالفيه فى ذلك على ما ذكرنا أولى بالصِّحة، لما روينا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأخبار الواردة عنه أنهم يسمعون كلام الأحياء، على ما وردت به عنهُ الآثار. (__)
الحديث السابع:
[ح 234]
عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلا مِنَّا، قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: نَسِيتُ اسْمَهُ، وَلَكِنِ اسْمُهُ مُعَاوِيَةُ، أَوِ ابْنُ مُعَاوِيَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (إِنَّ الْمَيِّتَ يَعْرِفُ مَنْ يَحْمِلُهُ، وَمَنْ يُغَسِّلُهُ، وَمَنْ يُدَلِّيهِ فِي قَبْرِهِ) ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَهُوَ فِي الْمَجْلِسِ مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا؟ قَالَ: مِنْ أَبِي سَعِيدٍ، فَانْطَلَقَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى أَبِي سَعِيدٍ، فَقَالَ يَا أَبَا سَعِيدٍ: مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا، قَالَ: مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
التخريج:-
سبق تخريجه في المبحث الثامن (معرفة الميت بمن يغسله ويجهزه) في الفصل الأول، من الباب الأول [ح 74] ص 152
قال ابن تيمية رحمه الله: والميت قد يعرف من يزوره، ولهذا كانت السنة أن يقال: السلام عليكم أهل دارِ قوم مؤمنين، وإنا ان شاء الله بكم لا حقون، ويرحم الله المستقدمين منا ومنكم، والمستأخرين، والله أعلم. (__)
المبحث الثالث
انتفاع الموتى بسعي الأحياء