وقد تقدم عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى أنه حكى الإجماع على منعه، وأن النبوات متفقة على تحريمه، وابن عقيل تقدم كلامه فيمن دس الرقاع إلى ضرائح الموتى، للطلب منهم، ولو فرض أن هذا الأعرابي قد غفر له، فذلك أيضًا لا يدل على حسن حاله؛ وأسباب الكائنات لا يحصيها إلاَّ الله، وقد يستجاب لعُبَّاد الأصنام، كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية [1] رحمه الله في كتابه"اقتضاء الصراط المستقيم".
ثم ليس في الحكاية أنه سأل الرسول شيئًا، غايته أنه توسل به، ومسألة التوسل بذاته صلى الله عليه وسلم غير مسألة دعائه والاستغاثة به والطلب منه، وقد قال تعالى: {وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران: 135] [آل عمران / 135] . فإذا كان الله [2] هو المختص بمغفرة الذنوب، فكيف تطلب المغفرة من غيره تعالى وتقدس؟ .
وقد تقدم لهذا المعترض [3] أنه قال: (وإنما الشرك طلب مغفرة الذنوب، وهداية القلوب، فجزم بأن هذا من الشرك) ؛ ثم رجع [4] واحتج بها على الطلب من الرسول، كما قال البوصيري.
قال الحافظ ابن عبد الهادي [5] رحمه الله: (وقوله: إني سمعت الله يقول: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ} [النساء: 64] الآية [النساء / 64] .
(1) ساقطة من (ق) و (م) .
(2) في (المطبوعة) زيادة:"سبحانه".
(3) في (م) و (ح) و (المطبوعة) زيادة:"الغبي".
(4) في (ق) و (م) زيادة:"هو"، وفي (المطبوعة) زيادة:"يناقض نفسه".
(5) انظر:"الصارم المنكي" (ص 272- 275) .