ما يشهد لهذا فإن العباد في مقام المدح لا يدخل فيهم من عبد الصالحين والأنبياء [1] ودعاهم مع الله؟ لأن الإضافة تقتضي توحيدهم وإخلاصهم العبادة، فهي إضافة تشريف، وهو الوجه الثالث.
وأما قول أبي العباس: (إنها ليست بعامة في الأمم كآية الواقعة) . فهذا يدل على أن من ذكر في هذه الآية لا يدخل فيهم إلا من آمن بالله ورسوله [2] وأفرده بالعبادة بخلاف أهل الشرك والبدع المكفرة، فإنهم هم المذكورون في الآية بعدها، ففيه أنَّ هذه الأمة منهم من كفر بالله ورسله [3] كالمذكورين في آخر هذه الآية، وكلام أبي العباس يدل عليه، إذ جعل الآيات هنا في هذه الأمة خاصة لا في غيرها من الأمم، كما في آية الواقعة.
الوجه الرابع: أنه تعالى ذكر بعد هذا قسما رابعا لم يدخلوا في قوله: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} [فاطر: 32] [فاطر -32] .
وذلك [4] قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ} [فاطر: 36] [فاطر -36] .
وقد ذكر شيخ الإسلام الإجماع على كفر من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويعبدهم، ويتوكَّل عليهم، والنزاع بيننا وبين هذا
(1) في (ق) و (م) :"الأنبياء والصالحين".
(2) في (ق) :"ورسوله"في الموضعين.
(3) في (ق) :"ورسوله"في الموضعين.
(4) في (ق) و (م) :"وهو".