بدين الله وشرعه هم أهل القرآن الذي أورثهم الله كتابه، يتلونه حق تلاوته، فيعملون بحكمه ويؤمنون بمتشابهه، ويحلّلون حلاله ويحرمون حرامه) . وهؤلاء جنس [1] ونوع آخر قد باينوا عبَّاد القبور والجهمية والزنادقة، وأهل الأهواء والبدع المضلَّة.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: (إنَّما جاء إضافة توريث الكتاب إلى الله في الصنف المحمود في كتاب الله من أوليائه وعباده المؤمنين، فهو سياق في معرض الثناء بخلاف قوله: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى} [الأعراف: 169] [2] [الأعراف -169] . فإنه أسند الإرث إليهم ولم يزكهم) . وبهذا تعرف أن هذه الآية كقوله -صلى الله عليه وسلم- في الفرقة الناجية دون سائر الفرق:" «هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي» [3] ولا قائل بعصمة أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الذنوب، بل تقع فيهم ومنهم ومنهم ومنهم [4] فظهر أن الله أورث كتابه أهل التوحيد والإيمان والسنَّة، وأما، أهل الشرك، وعبادة الصالحين، ومن عطَّل أسماءه وصفاته، أو سبَّ أئمة الهدى وأعلام الدجى، ونسبهم إلى الأهواء [5] وتجاري الكلب وغير ذلك مما هو مسؤول عنه ومحبوس، حتى يخرج منه هذا إن لقي الله مسلما، وإلا فالأمر شديد والهول عظيم، والله بصير بالعباد."
الوجه الثاني: قوله: {اصْطَفَيْنَا} [فاطر: 32] فإن الاصطفاء هو الاختيار
(1) في (ق) و (م) زيادة:"آخر".
(2) في (ق) زيادة:" (ويقولون) الآية".
(3) انظر: تخريج حديث افتراق الفرق المتقدم في ص (435) ، هامش 3.
(4) ساقطة من (ق) .
(5) في (ق) :"الهوى".