المراد المُلْك المتعارف بين أهل الدنيا، بل المراد حصول ذلك ووقوعه وتمكينهم منه، وذلك مقيد بالِإذن والرضى عن المشفوع فيه، فليس من جنس الأَمْلاك الدنيوية، ثم العبد كل العبد من [1] لا يتصرَف في ملكه إلا بما يحب الرب ويرضاه (من التصرفات، فأين محبته تعالى وإذنه ورضاه) [2] في الشفاعة لمن يدعو غيره، ويلوذ بسواه، ويعتمد على الشفعاء ويعدهم لشدائده وكرباته؟
واحتجَّ المعترض: بما في بعض الأحاديث من قوله صلى الله عليه وسلم:" «والمفاتيح يومئذٍ بيدي» [3] . وأظن هذا الغبي يظن أن المُلْك والتدبير والسعادة والشقاوة والعذاب والنعيم، كل هذا بيده صلى الله عليه وسلم، لقد أبعد المرمى، وكَذَّب بقوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ - ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ - يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} [الانفطار: 17 - 19] [الانفطار 17 ـ 19] "
وقوله: {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ} [الفرقان: 26] [الفرقان 26] .
وقوله: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر: 16] [غافر 16]
وقوله: {وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا - يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا - يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} [طه: 108 - 110] [طه 108-110] .
(1) سقطت من (ق) و (المطبوعة) .
(2) ما بين القوسين ساقط من (ق) .
(3) أخرجه الدارمي في المقدمة، باب ما أعطي النبي صلى الله عليه وسلم من الفضل ص (27) والخلال في السنة (1 / 208) من حديث أنس رضي الله عنه، وفي سنده ليث بن أبي سليم، وهو متروك.