ونقول: أما تحطيم الأصنام حقيقة وحسياً كما فعل إبراهيم فقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه فعل شيئاً منه حينما تمكن من ذلك وقدر عليه في غفلة من كفار قريش، ولا أعني بعد الفتح بل في مكة في عهد الاستضعاف، كما روى الإمام أحمد وأبو يعلى والبزار بإسناد حسن عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:"انطلقت أنا والنبي - صلى الله عليه وسلم - حتى أتينا الكعبة، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اجلس وصعد على منكبي فذهبت لأنهض به فرأى مني ضعفاً فنزل وجلس لي نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: اصعد على منكبي. قال فصعدت على منكبيه، قال فنهض بي قال فإنه يخيل إلي أني لو شئت لنلت أفق السماء حتى صعدت على البيت وعليه تمثال صفر أو نحاس فجعلت أزاوله عن يمينه وشماله وبين يديه ومن خلفه، حتى إذا استمكنت منه قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: اقذف به فقذفت به فتكسر كما تتكسر القوارير، ثم نزلت فانطلقت أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - نستبق حتى توارينا بالبيوت خشية أن يلقانا أحد من الناس"وبوّب له الهيثمي في مجمع الزوائد: (باب تكسيره - صلى الله عليه وسلم - الأصنام) وذكر رواية"كان على الكعبة أصنام فذهبت أحمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم أستطع فحملني فجعلت أقطعها..."وفي رواية زاد"فلم يوضع عليها بعد، يعني شيئاً من تلك الأصنام"قال: ورجال الجميع ثقات.. وذكره أبو جعفر الطبري في (تهذيب الآثار) وتكلم على بعض الفوائد الفقهية فيه، أنظر ص236 إلى ص243 من مسند علي فيه..
لذلك فنحن لا نتحرج أبداً من القول بأن ذلك مطلوب منا أيضاً حال القدرة عليه في عهد الاستضعاف وغيره.. سواء كان ذلك الصنم تمثالاً أو قبراً أو طاغوتاً أو نظاماً.. أو غيره، حسب تنوع الصور واختلافها في كل زمان ومكان.. وأقصد بذلك الجهاد والقتال وهو أعلى مراتب إظهار العداوة والبغضاء لأعداء الله...