فهرس الكتاب
الصفحة 65 من 112

وتنزه الله وتعالى عن العبث وعن أن يكون في كتابه جل وعلا ما لا فائدة من ذكره.. ومثل هذه الأغاليط ليست من الشبهات التي تستحق طول الرد والتفصيل وما هي إلا تناقضات في أذهان أصحابها حالت دون فهمهم لهذه الملة العظيمة بتفاصيلها.. خاصة وقد علمت فيما تقدم ملة إبراهيم وفهمت مضمونها وما يراد بها.. فعلمت أنها أصل الإسلام ومعنى لا إله إلا الله وأن فيها ما حوته هذه الكلمة من النفي والإثبات وهما التبرؤ من الشرك وأهله وإظهار العداوة لهم، وإخلاص العبادة لله وحده وموالاة أوليائه، وعلمت أن هذا أصل الدين فهو شرع محكم لو اجتمع على دفعه من بأقطارها من عالم وجاهل لما قدروا على رده بحجة أصلاً، وبيّنا لك أن الله تعالى ذكر لنا حال إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - ومن معه من المؤمنين مع قومهم، وكيف تبرؤوا منهم وأظهروا لهم العداوة والبغضاء.. وأنه سبحانه قال قبل ذكر موقفهم هذا مباشرة: { قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه } [الممتحنة: 4] ، وقال سبحانه بعد ذلك أيضاً: { لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر } [الممتحنة: 6] ، ثم قال سبحانه.. وتنبه لما قال: { ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد } [الممتحنة: 6] ، وعلمت أيضاً أن هذا هو أصل ملة إبراهيم التي نقصدها وندعو إليها ونرى أكثر أهل الأرض مقصرين فيها.. وعلمت أنها الطريق الذي فيه نصر الله عز وجل وإعزاز دينه وتحطيم الشرك وأهله.. وإذا كان الأمر كذلك.. فالرد على هذه الطريق إذاً يكون بأن يصحح ذلك الشيخ عبارته المذكورة فيقول:"إن النبي - صلى الله عليه وسلم - مكث ثلاث عشرة سنة في مكة بين تلك الأصنام لا يتبرأ منها ولا يظهر الكفر بها والعداوة لها"ليقال له بعدها؛ عد نفسك نصرانياً أو يهودياً أو مجوسياً، أو ما شئت، أما ملة الإسلام فقل لها عليك السلام...

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام