فهرس الكتاب
الصفحة 95 من 112

قلت: فلو تأمل العاقل كتاب حاطب هذا وما فيه من ثقته بنصر الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم - وتعظيمه من شأنه، ومع ذلك فقد أنزل الله تعالى بسبب فعلته هذه آيات عظيمات تقشعر منها جلود الذين آمنوا فقال: { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهاداً في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضلّ سواء السبيل } [الممتحنة: 1] ، فلو تأملت هذا هداك الله، وكيف شدّد الله تعالى فيه وجعله من موالاة ومودة أعدائه.. ثم نظرت في أحوال كثير من المنتسبين للدعوة والإسلام في هذا الزمان، وما يقع منهم من مباركة ومداهنة بل ومناصرة ومؤازرة عبيد القانون وأذناب الفرنجة وأعداء الشريعة والتوحيد، وما يظهروه من موالاة دساتيرهم وحكوماتهم والقسم على احترام قوانينهم؛ لعرفت غربة الدين الحقيقة، وغربة أهله العارفين له حق المعرفة وندرتهم فإياك والتفريط بالدين، إياك.. إياك.

قال الشيخ حمد بن عتيق:"وأمّا ما يعتقده كثير من الناس عذراً، فإنه من تزيين الشيطان وتسويله وذلك أن بعضهم إذا خوّفه أولياء الشيطان خوفاً لا حقيقة له ظنّ أنه يجوز له إظهار الموافقة للمشركين والانقياد لهم.. إلخ". ثم ذكر كلاماً لشيخ الإسلام ابن تيمية في صفة الإكراه على كلمة الكفر وأنه لا يكون إلا بالضرب والتعذيب والقتل لا بمجرد الكلام ولا بالتخويف بالحيلولة دونه ودون زوجته أو ماله أو أهله... ثم قال رحمه الله تعالى:"فإذا علمت ذلك وعرفت ما وقع من كثير من الناس تبين لك قول النبي - صلى الله عليه وسلم:"بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ"وقد عاد غريباً، وأغرب منه من يعرفه على الحقيقة، وبالله التوفيق"اهـ من"سبيل النجاة"الموضع نفسه.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام