*تنبيه: واعلم بعد ذلك كله، أن لا تنافي بين القيام بملة إبراهيم والأخذ بأسباب السرية والكتمان في العمل الجاد لنصرة الدين.. وكلامنا هذا كله لا يرد هذا السبب العظيم الذي كان يأخذ به النبي - صلى الله عليه وسلم - والأدلة عليه من سيرته أكثر من أن تحصى.. ولكن الذي يقال: إن هذه السرية يجب أن توضع في مكانها الحقيقي.. وهي سرية التخطيط والإعداد، اما ملة إبراهيم والكفر بالطواغيت ومناهجهم وآلهتهم الباطلة فهذه لا تدخل في السرية بل من علنية الدعوة فينبغي إعلانها منذ أول الطريق كما بينا سابقاً، وعلى ذلك يُحمل قول النبي - صلى الله عليه وسلم:"لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق".. الحديث. رواه مسلم وغيره.. أما إخفاؤها وكتمها مداهنة للطواغيت، وتغلغلاً في صفوفهم وارتقاء في مناصبهم.. فليس من هدي نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -.. بل هو من هدي وسرية أصحاب التنظيمات الأرضية الذين يجب أن يقال لهم أيضاً: { لكم دينكم ولي دين } .. وخلاصة الأمر أنها: سرية في الإعداد والتخطيط علنية في الدعوة والتبليغ.
* وإنما قلنا ذلك لأن كثيراً من الناس سواء من المرجفين أو ممن لم يفهموا دعوة الأنبياء حق الفهم، يقولون عن جهل منهم إن هذه الطريق التي تدعون إليها تكشفنا وتفضح تخطيطاتنا وتعجّل بالقضاء على الدعوة وثمراتها..