ولا نسأل هذا السؤال إلا بعد أن نعلم صدق سرائرهم وأنهم ما فعلوه ردةً ولا كفراً.. ودون ذلك خرط القتاد.. فمن أين لنا أن نعلم بعد انقطاع الوحي صدق سرائرهم وبواطنهم ومن يزكيهم ويشهد لنا بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك. فهذا مانع من موانع الكفر الباطنة غير الظاهرة، ولا نكلف به بعد انقطاع الوحي، لأجل ذلك كان الأصل فيمن أظهر الركون إلى الكفار وموافقتهم وموالاتهم أن نحكم عليه بظاهره كما تقدم والله يتولى السرائر إن كان على غير ذلك، ويُبعث على نيته إن قتله المسلمون في صفوف الكفار، وإن أسر تجري عليه أحكام الكفار كما تقدم، والمسلمون معذورون في قتل من أظهر مثل هذا وإن ادعى وزعم أنه يبطن الإسلام وموالاة أهله، وانظر في هذا كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى حول الجيش الذي يغزو الكعبة فيخسف به، وقصة أسر العباس يوم بدر وادعائه الإسلام.. في مجموع الفتاوى (537/28) وكذا كلام تلميذه العلامة ابن القيم في الزاد (422/3) وغيرهما من العلماء المحققين.. وتأمل كذلك سبب نزول قوله تعالى: { إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم } [النساء: 97] ارجع إليه في صحيح البخاري وغيره فإنه مفيد في هذا الباب أيضاً.. انشط وتأمل ذلك كله وانفض غبار النوم عن عينيك ولا تكن مع الكسالى المقلدين..
* وأخيراً فقد ذكر الحافظ في الفتح (521/7) عن بعض أهل المغازي قال وهو في (تفسير يحيى بن سلام) أن لفظ كتاب حاطب كان:"أما بعد يا معشر قريش، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد جاءكم بجيش كالليل يسير كالسيل، فوالله لو جاءكم وحده لنصره الله وأنجز له وعده، فانظروا لأنفسكم والسلام"وكذا حكاه السهيلي.