فهرس الكتاب
الصفحة 67 من 112

ومع ذلك نقول لو سلمنا جدلاً أنه لم يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تحطيم الأصنام في مكة زمن الاستضعاف.. فإنه صلوات الله وسلامه عليه كان متبعاً لملة إبراهيم أشد الاتباع آخذاً بها بقوة.. فما داهن الكفار لحظة واحدة وما سكت عن باطلهم أو عن آلهتهم.. بل كان همه وشغله الشاغل في تلك الثلاث عشرة سنة بل وغيرها هو { اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت } [النحل: 36] .

فلا يعني كونه جلس بينها تلك الثلاث عشرة سنة أنه مدحها أو أثنى عليها أو أقسم على احترامها كما يفعل كثير من الجهال المنتسبين إلى الدعوة مع الياسق العصري في هذا الزمان.. بل كان يعلن براءته من المشركين وأعمالهم، ويبدي كفره بآلهتهم رغم استضعافه واستضعاف أصحابه.. وقد فصّلنا لك هذا فيما مضى ولو تأملت القرآن المكي، لوضح لك مثل ذلك الكثير.. منه على سبيل المثال، قوله تعالى واصفاً حال نبيه - صلى الله عليه وسلم - في مكة مع الكفار: { وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا. أهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون } [الأنبياء: 36] ، قال ابن كثير:"يعنون أهذا الذي يسب آلهتكم ويسفه أحلامكم.. إلى غير ذلك".

وإليك أيضاً ما جاء في مسند الإمام أحمد وغيره بإسناد صحيح في صفته وحاله - صلى الله عليه وسلم - في مكة زمن الاستضعاف.. تأمّله وتدبّره وانظر كيف يصف الكفار نبينا - صلى الله عليه وسلم - بسب آلهتهم وتسفيه أحلامهم وو.. وانظر إليهم وهو يحيطون به وحيداً فريداً يقررونه بما يقول ويقولون له:"أنت الذي تقول كذا وكذا؟؟"فيرد عليهم دون مداهنة أو مهابة أو خوف أو وجل، بل بكل صلابة وثبات ووضوح:"نعم، أنا الذي أقول ذلك".

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام