فهرس الكتاب
الصفحة 59 من 112

فمعاداة أهل الحق للباطل وأهله ومفارقتهم لهم قضية قديمة جداً افترضها الله منذ أن أهبط آدم - صلى الله عليه وسلم - إلى هذه الأرض.. وشاءها الله قدراً وشرعاً ليتميز أولياؤه من أعدائه وحزبه من حربه والخبيث من الطيّب ويتخذ من المؤمنمين شهداء.. فقال جلّ وعلا: { اهبطوا بعضكم لبعض عدو } [الأعراف: 24] ، وعلى هذا مضت وسارت قافلة الرسل جميعاً وهذا هو دينهم كما عرفت، قال تعالى: { وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الإنس والجن } [الأنعام: 112] ، وقال سبحانه: { وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً من المجرمين } [الفرقان: 31] ، فمنهم من قص الله علينا قصصهم مع أعدائهم ومنهم من لم يقصص... ويؤيد هذا أيضاً حديث أبي هريرة المتفق عليه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"... والأنبياء أولاد علاّت.."والعلة هي الضرة مأخوذة من العلل وهي الشربة الثانية بعد الأولى: وكأن الزوج قد علّ منها بعد ما كان ناهلاً من الأخرى. وأولاد العلات أولاد الضرات من رجل واحد.. يؤيد أن الأنبياء أصل دينهم ودعوتهم وطريقهم واحد وفروعهم مختلفة.

* وهكذا كان خاتم الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليه وهو الذي جاء في وصفه أنه"فرق بين الناس"رواه البخاري، وفي رواية:"فرّق بين الناس". فقد استجاب لأمر الله تعالى باتباع ملة إبراهيم عليه السلام، فما سكت عن الشرك وأهله أو داهنهم أو جاملهم أو غير ذلك.. بل كان في مكة على قلة اتباعه. واستضعافهم يعلن براءته من الكفار ومعبوداتهم الباطلة.. ويسفهها ويقول كما أمره الله تعالى أن يقول متبرءاً من الشرك ومصرحاً بكفر أهله وبراءتهم من دينه وبراءة دينه منهم:

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام