فهرس الكتاب
الصفحة 54 من 112

ولقد رأيناهم كثيراً يسخرون ممن تبينت لهم انحرافاتهم وسبلهم المعوجة، فاعرضوا عنهم وعن دعواتهم تلك التي على غير منهاج النبوة.. رأيناهم يسخرون منهم لاعتزالهم.. ويلمزونهم بالقعود والركون إلى الدنيا والتقصير في الدعوة إلى الله... وإذا كان الأمر كذلك، فأية دعوة هذه التي قصر فيها هؤلاء؟ دعوتكم هذه التي تلجون بها الجيش والشرطة، ومجالس الأمة والبرلمانات الشركية وغير ذلك من الوظائف التي تكثر سواد الظالمين، أم تلك التي تدخلون بها مجالس الفاحشة من الجامعات المختلطة والمعاهد والمدارس الفاسدة وغيرها بحجة مصلحة الدعوة فلا تظهرون دينكم الحق وتدعون فيها بغير هدي النبي - صلى الله عليه وسلم -.... أم أنهم قصروا في الدعوة الحقّة التي قصر فيها الفريقان وهي (ملة إبراهيم) ، ويحتجون بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه الإمام أحمد والترمذي وغيرهما:"المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم"ونحن نقول إن هذا الحديث في الشرق وأنتم عنه في الغرب، حيث إن المخالطة يجب أن تكون على هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - وليس تبعاً لآرائكم وأهوائكم وأساليب دعوتكم البدعية.. فإن كانت كذلك أي على هديه - صلى الله عليه وسلم - حصل الأذى والأجر معاً.. وإلا فأي أجر هذا الذي ينتظره من لا يدعو بهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد أهمل شرطاً عظيماً من شروط قبول العمل وهو (الاتباع) ، وأي أذى ذلك الذي سيلاقيه من لا يظهر العداوة لأهل الفسق والفجور والعصيان، ولا يعلن البراءة من شركياتهم وطرائقهم المعوجة.. بل يجالسهم ويقر باطلهم ويبش في وجوههم، ولا يتمعر أو يغضب لله طرفة عين إذا انتهكوا حرمات الله، بحجة اللين والحكمة والموعظة الحسنة، وعدم تنفير الناس عن الدين، ومصلحة الدعوة وغير ذلك، ويهدم الدين عروة عروة بمعاول لينهم وحكمتهم البدعية.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام