فهرس الكتاب
الصفحة 53 من 112

أعذر لكم عند الله"رواه الإمام أحمد والبيهقي."

فتأمل هذا جيداً فإننا في أمس الحاجة إليه في هذه الأيام التي تلبس فيها كل من هبّ ودبّ بلباس الدعوة والدعاة.. فارجع إلى نفسك وزنها، واعرض عليها هذا الطريق وحاسبها على تقصيرها في ذلك، فإما أن تكون من قوم يصبرون على ذلك فخذها بحقها واسأل الله عز وجل أن يثبتك على ما يعقبها من بلاء.. أو إنك من قوم يخافون من أنفسهم خيفة ولا ترى من نفسك القدرة على القيام والصدع بهذه الملة فذر عنك التزيي بزي الدعاة وأغلق عليك بيتك وأقبل على خاصة أمرك ودع عنك أمر العامة.. أو اعتزل في شعب من الشعاب بغنيمات لك.. فإنه والله كما قال أسعد بن زرارة أعذر لك عند الله، نعم إن ذلك أعذر لك عند الله من أن تضحك على نفسك وعلى الناس إذ لا تقوى على القيام بملة إبراهيم فتتصدر للدعوة بطرق معوجة وتهتدي بغير هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - مجاملاً مداهناً للطواغيت كاتماً غير مظهر للعداوة لهم، ولا لباطلهم.. فوالله ثم والله، إن الذي يعتزل في شعب من الشعاب بغنيمات لهو خير وأهدى سبيلاً منك ساعتئذ.. وصدق من قال:

الصمت أفضل من كلام مداهن ... نجس السريرة طيب الكلمات

عرف الحقيقة ثم حاد إلى الذي ... يرضي ويعجب كل طاغ عات

لا تعجبوا يا قوم ممن أخصبوا ... في هذه الأيام بالكلمات

وعلوا المنابر والصحائف سودوا ... وتقدموا في سائر الحفلات

والله ما قالوا الحقيقة والهدى ... كلا ولا كشفوا عن الهلكات

أنى يشير إلى الحقيقة راغب ... في وصل أهل الظلم والشهوات

أو طالباً للجاه في عصرية ... التقدير للمشهور بالنزوات

فنصيحتي يا قوم ألا تطمعوا ... في عصرنا بتوفر الرغبات

عيشوا لدين الله لا لحضارة ... ... محفوفة بالريب والشبهات

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام