الشرح:

قول المصنف رحمه الله (وأفضل أمته أبو بكر الصدِّيق) أي: أفضلها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر الصديق هو عبد الله بن أبي قحافة القرشي التيمي، أول من آمن من الرجال، وصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ورد في القرآن ذكره حيث قال تعالى: {إلّا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا} [1] ، وهو أحب الرجال إليه، فعن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه على جيش ذات السلاسل، فأتيته فقلت: أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة، فقلت: من الرجال؟ فقال: أبوها، قلت: ثم من؟ قال: عمر بن الخطاب، فعدَّ رجالاً" [2] ، وقال صلى الله عليه وسلم:"إنه ليس من الناس أحدٌ أمنَّ علي في نفسه وماله من أبي بكر بن أبي قحافة، ولو كنت متخذاً من الناس خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكن خلة الإسلام أفضل، سُدوا عني كل خوخة في هذا المسجد غير خوخة أبي بكر" [3] ، ومعنى المن هنا جوده رضي الله عنه بماله ونفسه في سبيل الله ونصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم،"

وقوله (الصِدِّيق) : سمي به لأنه صدَّق رسول الله صلى الله عليه وسلم دون تردد، وقد أتى المشركون أبا بكر حين أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسرائه ومعراجه، فقالوا:"يا أبا بكر هل لك في صاحبك يخبر أنه أتى في ليلته هذه مسيرة شهر ورجع في ليلته، فقال أبو بكر رضي الله عنه: إن كان قاله فقد صدق، وإنا لنصدقه فيما هو أبعد من هذا؛ لنصدقه على خبر السماء"، ولقد أيد الله تعالى به الدين بعد وفاة رسول الله صلىلله عليه وسلم حيث جيش الجيوش لحرب المرتدين وأقام الله به أمر الدين، فرضي الله عنه وأرضاه.

وقوله (ثم عمر الفاروق) أي: أنه بعد أبي بكر في الفضل، وهو عمر بن الخطاب بن نفيل العدوي، وكان إسلامه في السنة السادسة من البعثة، وكان فرقاناً بين الحق والباطل، وهو ثاني الخلفاء الراشدين، استخلفه أبو بكر رضي الله عنه فكان نعم المستخلف، قال صلى الله عليه وسلم مخاطباً إياه:"والذي نفسي بيده، ما لقيك الشيطان قط سالكاً فجاً إلا سلك فجاً غير فجك" [4] ، وقال صلى الله عليه وسلم:"إنه قد كان فيما قبلكم من الأمم"

(1) التوبة - 40

(2) صحيح البخاري - حديث 3462، وصحيح مسلم - 2384

(3) صحيح البخاري - 455

(4) صحيح البخاري - حديث 3120، وصحيح مسلم - حديث 2396