قول المصنف رحمه الله (في ذم مبتغي التأويل) : الذم ضد المدح، ومعناه اللوم في الإساءة، وابتغاء الشيء القصد إليه.
وقوله (متشابه تنزيله) أي: الآيات المتشابهة في القرآن الكريم،
والمقصود بالتشابه اصطلاحاً: ما استأثر الله تعالى بعلمه على التعريف المختار. والمعنى أن آيات القرآن التي تتعلق بالصفات نؤمن بها ونسلم لها وننقاد لمعانيها الظاهرة دون أن نتكلَّف لها التأويلات التي تحيل اللفظ عن ظاهر معناه، ودون أن نتخيل أو نفرض لها كيفياتٍ تعجز عقول المخلوقين عن إدراك كنهها، فنؤمن باللفظ ونعمل بمقتضى المعنى ولا نخوض فيما وراء ذلك، لأن الخوض فيه بالتأويل مذموم، وهو سبيل الزائغين الذين فضحهم الله تعالى في الآية التي أوردها المصنف، وحذَّر منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛
فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آياتٌ محكَماتٌ هنَّ أمُّ الكتاب وأُخَرُ متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغٌ فيتَّبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كلٌ من عند ربنا وما يذَّكر إلا أولوا الألباب} [1] ، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فإذا رأيت الذين يتَّبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمَّى الله فاحذروهم" [2] ،
وقوله (فجعل اللهُ ابتغاء التأويل علامةً على الزيغ) أي: التأويل المذموم الذي يُصرف به اللفظ عن ظاهره بلا قرينةٍ مرجحة أو يُعطَّل معناه أو يُخاضُ فيه بغير علم،
و (العلامة) السمة الدالة على الشيء،
و (الزيغ) : الانحراف عن طريق الحق
وقوله (وقرنه بابتغاء الفتنة في الذم) أي: أن المقصد الثاني من مقاصد المتأولين بالباطل الخائضين في كتاب الله بغير طريق الحق- وهو ابتغاء الفتنة - مذمومٌ أيضاً.
(1) آل عمران - 7
(2) متفق عليه واللفظ للبخاري حديث 4273