وقوله (المبرآت من كل سوء) أي: أن الله تعالى قد اختار لنبيه صلى الله عليه وسلم أزواجه على الصفة اللائقة بمقام النبوة، قال تعالى: {والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرؤون مما يقولون لهم مغفرةٌ ورزقٌ كريم} [1] ، وفيه ردٌ على كل من اتهمهن بشيء من القبائح، رضي الله عنهن وأرضاهن.

وقوله (أفضلهن خديجة بنت خويلد) أي: أفضل نسائه صلى الله عليه وسلم، وقد شرَّك المصنف في هذه الأفضلية بين أم المؤمنين خديجة وعائشة رضي الله عنهما،

و (خديجة) هي: خديجة بنت خويلد الأسدية القرشية، أول من تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم، وجميع أولاده صلى الله عليه وسلم منها ما عدا إبراهيم، وهي أول من آمن به مطلقاً، وقد واسته بنفسها ومالها حين خذله الناس، وصدقته حين كذبه الناس، وقالت عائشة رضي الله عنها:"ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة من كثرة ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها، قالت: وتزوجني بعدها بثلاث سنين، وأمره ربه عز وجل أو جبريل عليه السلام أن يبشرها ببيت في الجنة من قصب" [2] ، وقال صلى الله عليه وسلم:"خير نسائها مريم ابنة عمران، وخير نسائها خديجة" [3] .

وقوله (وعائشة الصِدِّيقة بنت الصدِّيق) أي: هي أيضاً أفضل نسائه على ما اختاره المصنف من التشريك بينها وبين خديجة في الأفضلية لما تميزت به كل منهما من المناقب الخاصة،

و (عائشة) هي: عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما، قال صلى الله عليه وسلم:"كمُل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام" [4] .

وقوله (التي برَّأها الله في كتابه) أي: عائشة هي التي نزل القرآن بتبرئتها مما قُذفت به من الفاحشة حاشاها، وكان ذلك ابتلاءً ومحنة من الله تعالى ما زادتها إلا شرفاً حيث أنزل الله تعالى فيها قرآناً يُتلى، وتأمل عبوديتها وتذللها رضي الله عنها بين يدي الله تعالى حيث قالت:"ولكني والله ما كنت أظن أن الله يُنزل في براءتي وحياً يُتلى، ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله فيَّ بأمرٍ يُتلى، ولكني كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرئني الله بها، فأنزل الله تعالى {إن الذين جاؤوا بالإفك} [5] العشر الآيات" [6] ، فرضي الله عنها وأرضاها.

(1) النور - 26

(2) صحيح البخاري - حديث 3606

(3) صحيح البخاري - حديث 3249

(4) صحيح البخاري - حديث 3230، وصحيح مسلم - حديث 2431

(5) النور - 11

(6) صحيح البخاري - حديث 7061