فهرس الكتاب
الصفحة 91 من 127

مسلم دون البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة ... إلى أن قال أحمد شاكر:

سبب آخر في نزول هذه الآيات الكريمات: روى الإمام أحمد عن ابن عباس، قال: إن الله أنزل (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) و (أولئك هم الظالمون) و (أولئك هم الفاسقون) ، قال ابن عباس: أنزلها الله في الطائفتين من اليهود، كانت إحداهما قد قهرت الأخرى في الجاهلية، حتى ارتضوا واصطلحوا على أن كل قتيل قتلته العزيزة من الذليلة فديته خمسون وسقا، وكل قتيل قتلته الذليلة من العزيزة فديته مائة وسق، فكانوا على ذلك حتى قدم النبي صلى الله عليه وسلم، فقتلت الذليلة من العزيزة قتيلا، فأرسلت العزيزة إلى الذليلة: أن ابعثوا لنا بمائة وسق، فقالت الذليلة: وهل كان في حيين دينهما واحد ونسبهما واحد وبلدهما واحد، دية بعضهم نصف دية بعض؟ إنما أعطيناكم هذا ضيما منكم لنا، وفرقا منكم، فأما إذ قدم محمد فلا نعطيكم، فكادت الحرب تهيج بينهما، ثم ارتضوا على أن يجعلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم، ثم ذكرت العزيزة فقالت: والله ما محمد بمعطيكم منهم ضعف ما يعطيهم منكم ولقد صدقوا ما أعطونا هذا إلا ضيما منا وقهرا لهم، فدسوا إلى محمد من يخبر لكم رأيه، إن أعطاكم ما تريدون حكمتموه، وإن لم يعطكم حذرتم فلم تحكموه، فدسوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسا من المنافقين ليخبروا لهم رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما جاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بأمرهم كله وما أرادوا، فأنزل الله تعالى (يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر) إلى قوله (الفاسقون) ففيهم والله أنزل، وإياهم عني الله عز وجل، ورواه أبو داود بنحوه.

قلت: وما ذكره الشيخ أحمد شاكر هو مختصر لكل ما ذكره العلماء وأهل التفسير في أسباب نزول هذه الآيات، وفيه البيان الواضح أن ما فعله اليهود وما استحقوا أن يكونوا به كفارا هو عين ما يحدث في زماننا هذا، على أن اليهود قد فعلوه في حكم واحد وطواغيت هذا العصر قد امتدت أيديهم إلى كل احكام الله تعالى بالتبديل والتغيير.

فإذا كان اليهود قد كفروا بنص القرآن بسبب تبديلهم لحد الزنا فقط، بأن جعلوا التحميم والجلد والفضح مكان الرجم، فما حكم من أسقط العقوبة مطلقا إذا كان الزنا برضا المرأة، وما حكم من منع من إقامة أي عقوبة على المرأة الزانية إذا لم يرفع الزوج الدعوى عليها، فلا شك أنهم أولى بالكفر والردة عن دين الله تعالى، فإن ما يفعلونه أعظم مما فعله اليهود واستحقوا به حكم الكفر.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام