قضى عليه، ويسلم لحكم الله وشرعه تسليما لا يخالطه رد ولا تشوبه مخالفة. [1]
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله في رسالته تحكيم القوانين: إن من الكفر الأكبر المستبين تنزيل القانون اللعين منزلة ما نزل به الروح الأمين علي قلب محمد صلى الله عليه وسلم ليكون من المنذرين بلسان عربي مبين، في الحكم به بين العالمين، والرد إليه عند تنازع المتنازعين مناقضة ومعاندة لقول الله عز وجل (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا) .
وقد نفى الله سبحانه وتعالى الإيمان عن من لم يحكموا النبي صلى الله عليه وسلم فيما شجر بينهم، نفيا مؤكدا بتكرار أداة النفي وبالقسم، قال تعالى (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) .
ولم يكتف تعالى وتقدس منهم بمجرد التحكيم للرسول صلى الله عليه وسلم، حتى يضيفوا إلى ذلك عدم وجود شيء من الحرج في نفوسهم بقوله جل شأنه (ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت) والحرج: الضيق، بل لابد من اتساع صدورهم لذلك وسلامتها من القلق والاضطراب.
ولم يكتف تعالى أيضا هنا بهذين الأمرين، حتى يضموا إليهما التسليم وهو كمال الانقياد لحكمه صلى الله عليه وسلم، بحيث يتخلون ها هنا من أي تعلق للنفس بهذا الشيء ويسلموا ذلك إلى الحكم الحق أتم تسليم، ولهذا أكد ذلك بالمصدر المؤكد، وهو قوله جل شأنه (تسليما) ألمبين أنه لا يكتفى ها هنا بالتسليم، بل لابد من التسليم المطلق ... إلى أن قال رحمه الله:
الخامس: وهو أعظمها وأشملها وأظهرها معاندة للشرع ومكابرة لأحكامه ومشاقة لله ولرسوله، ومضاهاة بالمحاكم الشرعية إعدادا وإمدادا وإرصادا وتأصيلا وتفريعا وتشكيلا وتنويعا وحكما وإلزاما ومراجع ومستندات.
فكما أن للمحاكم الشرعية مراجع مستمدات مرجعها كلها إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فلهذه المحاكم مراجع هي: القانون الملفق من شرائع شتى وقوانين كثيرة، كالقانون الفرنسي والقانون الأمريكي والقانون البريطاني وغيرها من القوانين، ومن مذاهب بعض البدعيين المنتسبين إلى الشريعة وغير ذلك.
(1) فتح القدير للشوكاني ج1/ 484.