فهرس الكتاب
الصفحة 50 من 127

ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا) [1]

وهذا التحليل والتحريم من دون الله تعالى لا يجوز لأحد أن يُقدم عليه وخاصة ممن ينتسب إلى العلم وأهله، فإن فتنة الناس بأهل العلم أعظم من فتنتهم بغيرهم، وكذلك فلا يجوز لأحد من أهل العلم أن يفتي بما يوافق هوى الحكام وقوانينهم ويترك ما علمه من الكتاب والسنة، فإن فعل فقد صار كافرا مرتدا لأنه قد ترك حكم الله المحكم وأطاع هوى الحاكم من دون الله تعالى.

ولذلك فقد قال ابن تيمية رحمه الله عن العالم الذي يترك حكم الله تعالى ويتبع هوى الحكام: ومتى ترك العالم ما علمه من كتاب الله وسنة رسوله واتبع حكم الحاكم المخالف لحكم الله ورسوله كان مرتدا كافرا، يستحق العقوبة في الدنيا والآخرة، قال تعالى (المص كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون) [2] ، ولو ضُرِب وحُبِس وأُوذِي بأنواع الأذى ليدع ما علمه من شرع الله ورسوله الذي يجب اتباعه واتبع حكم غيره كان مستحقا لعذاب الله، بل عليه أن يصبر وإن أوذي في الله، فهذه سنة الله في الأنبياء وأتباعهم، قال الله تعالى (الم أحسب الناس أن يُترَكوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفُتنَون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) [3]

يتضح مما ما سبق أن من أحدث للناس أحكاما غير موافقة لشريعة الله تعالى فقد نصب نفسه ربا مع الله، وأن من أطاعه في تشريعه هذا مع علمه بمخالفته لدين الله فهو كافر مشرك قد اتخذ مع الله إلها آخر.

وإذا نظرنا إلى هذه الدول التي تسمي نفسها دولا إسلامية كذبا وزورا لوجدنا من هذا النوع من الشرك الكثير والكثير، فالبرلمانات الشركية في هذه الدول تشرع للناس كل يوم أحكاما ما أنزل الله بها من سلطان، بل هي مصادمة كل المصادمة لأحكام الله تعالى من حل للربا وشرب الخمر والزنا والتبرج والسفور وإباحة للردة عن دين الله تعالى باسم الحرية

(1) مجموع الفتاوى، ج 28/ 524، والآيات من سورة النساء: 151 152.

(2) سورة الأعراف، الآية: 1 - 3.

(3) مجموع الفتاوى، ج 35/ 373، والآيات من سورة العنكبوت: 1 - 3.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام