ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون) [1] ، وإن أي رد ولو لحكم واحد من أحكام الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم أو إعراض عن التحاكم إليه عمل مكفر أيا كانت صورة هذا الرد.
وكذلك فإن ترك الحكم بما شرعه الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم في أي مجال كان مناط مكفر ولو لم يحكم بغيره، فإن مجرد الترك لحكم الله تعالى كفر وردة عن الدين، قال تعالى (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) [2] .
وإن الحكم بغير ما أنزل الله تعالى في كتابه أو ما شرعه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم في القليل أو الكثير كفر مخرج من ملة الإسلام، وذلك هو حكم الجاهلية الذي قال الله تعالى فيه (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون) [3] ، وسواء كان ذلك من قاض معيَّن أو من حَكَمٍ مختار أو ممن وُكِل إليه أمر الحكم وفصل الخصومات بين الناس، ومن هذا الباب تبديل أحكام الله تعالى والحكم بالشرائع المبدلة والفصل بها بين الناس، فهذا كفر مخرج من ملة الإسلام بدلالة النص وإجماع العلماء.
وكذلك فإن تشريع الأحكام والشرائع من دون الله تعالى مناط مكفر ومخرج من ملة الإسلام، فأيما هيئة أو طائفة أو منظمة أو حزب أو حتى فرد واحد أعطى لنفسه أو لغيره حق تشريع الأحكام من دون الله تعالى فقد كفر بالله العظيم وبدينه القويم، كما قال تعالى (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ) ) [4] ، وقال تعالى (وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم) [5] .
فهذا مختصر للمناطات المكفرة في مسألة الحكم والتشريع وسيأتي تفصيلها إن شاء الله تعالى مع الأدلة الشرعية ونصوص أقوال أهل العلم الواردة فيها.
(1) سورة النور، الآية: 48.
(2) سورة المائدة، الآية: 44.
(3) سورة المائدة، الآية: 50.
(4) سورة الشورى، الآية: 21.
(5) سورة الأنعام، الآية: 137.