لزمهم من الوعيد المذكور، حاكما كان أو غيره. اه [1]
فهذه أقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة والعلماء في الحاكم الذي يرتشي فيخالف حكم الله لذلك وأنه كافر، وكذلك من علم حكم الله تعالى فعدل عنه إلى غيره فإنه كافر أيضا، وهذا الكفر هو الأكبر الذي حكم به على اليهود.
وقال ابن القيم في هذه الآية: ومنهم من تأولها على الحكم بمخالفة النص تعمدا من غير جهل ولا خطأ في التأويل، حكاه البغوي عن العلماء عموما. اه [2]
وما ذكره ابن القيم عن البغوي أن العلماء يحملون هذا النص على من حكم بغير الشريعة عمدا من غير جهل ولا تأويل، فإنه يؤيد أقوال الصحابة الواردة في ذلك.
وما ذكره ابن القيم أيضا أن الوعيد يتناول تعطيل الحكم بجميع شرائع الإسلام أو بعضها هو الصحيح في هذا الباب، إذ أن الوعيد توجه إلى اليهود بسبب تعطيل حكم واحد من أحكام التوراة وهو حد الرجم، فلا فرق بين تعطيل كل أحكام الإسلام أو تبديلها، أو تعطيل بعض أحكامه أو تبديل حكم واحد.
وفيما يدل على أن حكم الكفر الأكبر يتناول كل من عطل العمل بحكم الله تعالى سواء كان ذلك التعطيل في القليل أو الكثير قال ابن القيم رحمه الله: ومنهم من تأولها على ترك الحكم بجميع ما أنزل الله، قال: ويدخل في ذلك الحكم بالتوحيد والإسلام، وهذا تأويل عبد العزيز الكناني، وهو أيضا بعيد، إذ الوعيد على نفي الحكم بالمنزل، وهو يتناول تعطيل الحكم بجميعه وببعضه. اه [3]
هذا وقد وردت بعض الروايات بخلاف ما سبق من حمل الكفر فيها على الأكبر، وذلك فيما ورد عن ابن عباس وابن طاوس وعكرمة وعطاء، وقد أوردها ابن جرير في تفسيره ونقلها عنه ابن كثير وغيره من أهل التفسير، ونحن نسوقها لفظا ثم نبين ما فيها من جهة الرواية والدراية إن شاء الله تعالى.
(1) محاسن التأويل للقاسمي، ج6/ 215 - 216، ط: دار الفكر، وما نقله القاسمي عن إسماعيل القاضي ذكره ابن حجر في فتح الباري، ج 13/ 120.
(2) مدارج السالكين، ج1/ 365، ط: دار الكتب العلمية.
(3) مدارج السالكين، ج1/ 365، ط: دار الكتب العلمية.