وأما أهل البدع والجهمية والمعتزلة كلها والخوارج، فكلهم ينكرونها ولا يُحمل شيئاً منها على الحقيقة ويزعمون أن من أقرّ بها مشبه وهم عند من أثبتها نافون للمعبود سبحانه وتعالى.
والحق ما قاله القائلو بما نطق به كتاب الله وسنة رسوله وهم أئمة أهل السنة والجماعة، والحمد لله )) . اهـ [1] .
وقال أبو قلابة [2] (ت 104 ه) :
(( لا تجالس أصحاب الأهواء فإني رآمن عليك أن يغمسوك في ضلالتهم ويلبسوا عليك ما كنت تعرف ) ). اهـ [3] .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (ت 727 ه) :
(( والله يعلم أني بعد البحث التام ومطالعة ما أمكن من كلام السلف ما رأيت كلام أحد منهم يدل لا نصاً ولا ظاهراً ولا بقرائن على نفي الصفات الخبرية، بل الذي رايته أنهم يثبتون صفتها في الجملة، وينفون التشبيه وينكرون على المشبهة ) ). اهـ [4] .
هذا وكان التوحيد عند السلف رضي الله عنهم على نوعين:
1 ـ توحيد المعرفة والإثبات وهو توحيد العلمي الخبري.
2 ـ توحيد القصد والطلب وهو توحيد الإرادي الطلبي. وهو توحيد الألوهية أو العبادة.
فلما حصلت بدع الجهمية وبعدها المعتزلة في باب الأسماء والصفات انقسم توحيد المعرفة والإثبات إلى توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات.
أما توحيد الألوهية فهو:
إثبات العبادة لله وحده لا شريك له وترك الشرك، هو توحيد الله بأفعال العباد.
ـ وتوحيد الربوبية هو:
(1) التمهيد له 1/ 145.
(2) هو عبد الله بن زيد الجرمي أبو قلابة البصري، ثقة فاضل كثير الإرسال روى عن أنس بن مالك ومات بالشام سنة 104 هارباً من القضاء. انظر نبذة عنه في"التقريب"1/ 417، و"تهذيب التهذيب"5/ 224.
(3) انظر كتاب"صون النطق والكلام"للسيوطي ص 55.
(4) "الفتوى الحموية"ص 64.