نقصان الإيمان فلم يقل به ووافقه على ذلك جماعة من الفقهاء، لأنهم وجدوا ذكر الزيادة في القرآن ولم يجدوا ذكر النقص.
وبعض السلف رحمهم الله عدل عن لفظ الزيادة والنقصان إلى لفظ التفاضل، فقال: أقول الإيمان يتفاضل ويتفاوت.
ويروى هذا عن عبد الله بن المبارك [1] ، كما يروى عنه موافقة الجمهور من السلف بالقول بزيادته ونقصانه كما حكاه عنه النووي [2] .
هذا وقد وجّه العلماء وأجابوا عن قول الإمام مالك السابق في التوقف بالنقصان بعدة أجوبة منها:
1 -أن لفظ الزيادة ورد في النصوص، دون لفظ النقصان، فلم يقل به.
وهذا جواب قاله الشيخ ابن تيمية عن مالك ومن وافقه رحمهم الله.
2 -توقف مالك بالنقصان لئلا يكون شكاً مخرجاً عن اسم الإيمان.
3 -أو لئلا يتأول القول بالنقصان على قول الخوارج والوعيدية، الذين يكفرون بالمعاصي ويخرجون بها عن الإيمان. وهذان الجوابان حكاهما النووي في شرحه لمسلم.
4 -ربما كان قوله ذلك قديماً، رجح عنه بعد ذلك ولاسيما بعد تأمله لحال المرجئة وبدعتهم، لما عُرف عنه بعدُ من ردِّه عليهم، وإنكاره عليهم كما أنكر على حماد بن أبي حنيفة وغيره منهم.
5 -وربما هو وَهْمٌ من ناقليه، لما يعرض للمدرس في درسه من التوقف في مسائل، لا لعدم الجواب فيها عنده، وإنما لزيادة تأمل فيها ونظر وبحث، أو لعارض يعرض له في خاطره يسترسل معه .. ونحو ذلك.
-القول الراجحُ عن مالك في ذلك:
(1) ذكره الشيخ أبو العباس ابن تيمية في الإيمان الوسط (7/ 506 - 507) ،وقال معقباً على قول ابن المبارك: (( وكان مقصوده الإعراض عن لفظ وقع فيه النزاع إلى معنى لا ريب في ثبوته ) )اهـ، مما يفيد أن المسألة لفظية لا طائل من النزاع فيها. وقول ابن المبارك: (( إن الإيمان قول وعمل ويتفاضل ) )، رواه عبد الله بن أحمد في السنة (1/ 316) .
(2) في شرح صحيح مسلم (1/ 146) .