فهرس الكتاب
الصفحة 64 من 94

وهو قول عامة المرجئة وهم على نقيض الوعيدية، فمرتكب الكبيرة عندهم كامل الإيمان دنياً وآخرة؛ بناءاً على سابق قولهم بأنه لا يضر مع الإيمان معصية [1] .

أما في الآخرة فحكمه إلى الله تعالى، لكن الله سبحانه وتعالى وعد المؤمنين بالرحمة والمغفرة فيتحقق وعده سبحانه على العصاة.

-أدلتهم على قولهم:

أدلتهم هي عموم نصوص الوعد بالرحمة والمغفرة والتجاوز عن المؤمنين ومنها:

1 قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} [النساء: 48] . فمرتكب الكبيرة مؤمن لم يشرك بالله، فهو مستحق لمغفرة الله ولا يستحق النار لأنها لا يصلاها إلى الكافرين المشركين، فيكون من أهل الجنة.

2 أن العفو مأمؤل من الله وهو سبحانه قد حثنا عليه وحبَّبنا إلى فعله، قال تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134] .

والعفو منه سبحانه أكثر تحققا من عقوبته، وحسن العفو منه سبحانه يقتضي العفو عن الفاسق وصاحب الكبيرة دون الشرك والكفر.

3 ـ قوله تعالى: {إِن تَجْتَنِبُوا كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيماً} [النساء: 31] ، والكبائر في الآية هي الكفر والشرك بدليل قوله {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} فلما كان تكثير السيئات متحقق، كان العاصي مُكفرٌ عنه سيئاته. لقوله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 115] .

4 قوله تعالى: {إِنَّ رَحْمةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56] ، وقوله تعالى: {إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: 87] .

ومرتكب الكبيرة مؤمن ورحمة الله لا تكون للكافر، ومرتكب الذنب مأمور بعدم اليأس من روح الله، وهو ما زال من المحسنين.

-القول الثالث:

(1) انظر قولهم في"التمهيد"395 - 404 للباقلاني، كذلك"الإرشاد"321 - 326.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام