فهرس الكتاب
الصفحة 49 من 94

ب أما المعنى: فإن الإيمان مأخوذ من الأمن وهو الطمأنينة، كما أن لفظ الإقرار مأخوذ من قرَّ يَقُر، وهو قريب من آمن يأمن.

وأما الصدق فهو عدم الكذب، ولا يلزم أن يوافقه طمأنينة إلا إذا كان المُخبر الصادق يُطمئن إلى خبره وحاله.

ج أن لفظ الإيمان يتعدى إلى غيره باللام دائماً نحو قوله تعالى: {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ} [العنكبوت: 26] ، وقول فرعون في الشعراء: {ءَامَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ ءَاذَنَ لَكُمْ} [الشعراء: 49، وقوله تعالى في يونس: {فَمَآ ءَامَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ} [يونس: 83] ، وقوله: {أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ} [المؤمنون: 47] . وقوله: {أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأَرْذَلُونَ} [الشعراء: 111] ، وآيات عديدة.

أما لفظ التصديق، وصدَّق ليصدق فإنه يتعدى بنفسه نحو: قوله تعالى في الصافات: {قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِناَّ كَذَلِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ} [الصافات: 105] . وفي أولها: {بَلْ جَآءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ} [الصافات: 37] . وفي سورة الزمر: {وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى صَدَقَنَا وَعْدَهُ} [الزمر: 74] فكلها بمقابل الكذب.

6 لو فرضنا أن معنى الإيمان لغة التصديق، لوجب أن لا يختص بالقلب فقط بل يكون تصديقاً باللسان، وتصديقاً بالجوارح كما في حديث أبي هريرة¢ السابق (( العينان تزنيان .. ) )الحديث.

7 كذلك لو قلنا: إن الإيمان أصله التصديق، فإنه تصديق مخصوص، كما أن الصلاة دعاء مخصوص، والصوم إمساك مخصوص يتبيَّن بالمعنى الشرعي حيث يكون للتصديق لوازم شرعية دخلت في مسماه [1] .

2 مناقشة الدليل الثاني:

وهو قولهم إجماع أهل اللغة قاطعة على أن الإيمان قبل نزول القرآن

فإنا نجيب عن هذا بأجوبة هي:

(1) هذه الأوجه وغيرها بسطها أبو العباس ابن تيمية في مواضع من كتبه: في الإيمان الأوسط (7/ 529 - 536) ، وشرك الأصفهانية (142 - 143) ، والمجموع (10/ 269 - 276) ، والإيمان الكبير (126 - 134، 274 - 281) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام