بل هناك رواية أخرى مفادها أن الحسن البصري لما سمع من واصل بن عطاء بدعته في المنزلة بين المنزلتين طرده من مجلسه، فغلب على واصل وأتباعه وصف المعتزلة لعزل الحسن لهم عن مجالسه!
ثم اعتزل إلى سارية من السواري وانضم إليه عمرو بن عبيد فقال الناس: إنهما قد اعتزلا قول الأئمة، وسمي أتباعهما يومئذ معتزلة [1] . فصار سوء أدب واصل مع شيخه أدَّاه إلى الاعتزال.
ـ وما دام الحديث عن نشأة هذه الفرقة فلا مانع من التعريج على قول أحد العلماء في نشأتهم:
خالف به قول جمهور مؤرخي المقالات، وهو قول الملطي [2] رحمه الله فقال:
(( وهم سمَّوا أنفسهم معتزلة، وذلك عندما بايع الحسنُ بن علي عليه السلام معاويةَ وسلم إليه الأمر اعتزلوا الحسن ومعاوية وجميع الناس وذلك أنهم كانوا من أصحاب علي، ولزموا منازلهم ومساجدهم وقالوا نشتغل بالعبادة فسموا بذلك معتزلة ) ).اهـ [3] .
وقال بعض العلماء المعاصرين أن المعتزلة سموا بذلك لأن جماعة منهم كانوا يحضرون مجلس الحسن البصري منهم معبد الجهني، فلما سمعوا الحسن البصري يصرح بعقيدة السلف والرعيل الأول من صحابة رسول الله، والتابعين لهم بإحسان، ويثبت ما أثبته الله لنفسه من الصفات، اعتزلوا مجلسه، وسُمُّوا معتزلة [4] .
وقد اتصفت المعتزلة ببعض معتقدات أخرجتها عن جماعة المسلمين وسأذكرها مقتصراً على ما كان محل إجماع عندهم أو اتفقت عليه الأغلبية منهم وهي:
(1) الفرق بين الفرق 15، 82.
(2) هو أبو الحسين محمد بن أحمد بن عبد الرحمن الملطي نسبة على ملطيه في فلسطين وينسب كذلك إلى الطرائقي بيع ظرائف الخشب. كان فقيهاً قاضياً مقرئاً، له"كتاب التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع"، روى عن ابن الأنباري مات في عسقلان بفلسطين عام 377 ه رحمه الله. انظر تاريخ التراث العربي 4/ 45، مقدمة التنبيه 8 - 10، تاريخ المذاهب 1/ 124.
(3) التنبيه ص 41، ولا يخفى ما فيه خلاف ما ذهب إليه جمهور أصحاب المقالات!
(4) ذكر الشيخ صالح البليهي في عقيدة المسلمين 2/ 475، 491. أقول وهذا يدخل ضمن مقتضى قول الجمهور في الاعتزال، هو الحيد عن عقيدة السلف في مرتكب الكبيرة والأسماء والصفات وغيرها.