الصفحة 35 من 57

وإسم الْقَيُّومُ؛ تدخل فيه جميع صفات الأفعال؛ لأنه القيوم الذي قام بنفسه واستغنى عن جميع مخلوقاته، وقام بجميع الموجودات، فأوجدها وأبقاها، وأَمَدَّهَا بجميع ما تحتاج إليه في وجودها وبقائها، ودلّ على جميع صفات الفعل التزامًا، لأن القيوميّة المطلقة لا تكون إلاّ باجتماع صفات الفعل.

ومن أهل العلم من ذهب الى أن الاسم الاعظم هو (الحي القيوم) : (فإن صفة الحياة متضمنة لجميع صفات الكمال، مستلزمة لها، وصفة القيومية متضمنة لجميع صفات الأفعال، ولهذا كان اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى: هو اسم الْحَيِّ الْقَيُّومِ) . [1] .

قوله تعالى: (لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ)

7/ وفيه اثبات انتفاء السنة والنوم في حقه سبحانه وتعالى. فالله سبحانه وتعالى نفى عن نفسه (السِنَة والنَوْم) لكمال قدرته وقوته وحياته وقيوميته. فالله حي سبحانه وتعالى لا يموت، وهو قيوم قائم على كل شيء، وهذا يدل على القدرة التامة، ولا تأخذه سنة ولا نوم (والسنة هي: أول النوم) وهذا يدل على كمال المعية والحضور والإحاطة.

والقاعدة المقرَّرة عند أهل السنة والجماعة وهي: أنَّ وصف الرب سبحانه وتعالى بالنفي ليس مقصوداً لذاته وإنما هو لإثبات كمال ضد ما نفى.

قوله تعالى: (لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ)

8/ وفيه اثبات عموم ملكه سبحانه وتعالى لجميع العوالم العلوية والسفلية، وأنها جميعا تحت قهره وسلطانه، فالمُلك هو صفة ذاتية لله سبحانه وتعالى، وتعني ملكه لجميع الأشياء، وتصرفه وتدبيره في ملكه بلا مدافعة ولا ممانعة، وقدرته على ذلك سبحانه وتعالى.

والله سبحانه وتعالى هو الملك الحق للسماوات والأرض وما فيهما وما بينهما، لأنه خالقهما فلا يخرج شيء من خلقه عن ملكه، وهذا يقتضي أنه سبحانه المدبر لهما المتصرف فيهما كما يشاء بقدرة مطلقة لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع ولا يعجزه شيء في السماوات ولا في الأرض، وهذا الملك العظيم لله سبحانه وتعالى يتصرف فيه سبحانه بعلمه وحكمته ورحمته وعدله.

(1) زاد المعاد في هدي خير العباد/ العلامة محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى 751 هـ) ، الناشر مؤسسة الرسالة، بيروت - مكتبة المنار الإسلامية، الكويت، الطبعة السابعة والعشرون, 1415 هـ /1994 م 4/ 187.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام