الصفحة 9 من 57

فقيل: المراد بـ (الرحمن) الذي وسعت رحمته كل شيء في الدنيا؛ لأن صيغة (فعلان) تدل على الامتلاء والكثرة، و (الرحيم) الذي يختص برحمته المؤمنين في الآخرة.

وقيل العكس.

وقد ذهب العلامة ابن القيم رحمه الله إلى أن (الرحمن) دال على الصفة القائمة بالذات، و (الرحيم) دال على تعلقها بالمرحوم، ولهذا لم يجئ الاسم الرحمن متعديا في القرآن؛ قال تعالى: (وكان بالمؤمنين رحيما) (الأحزاب/43) ، ولم يقل: رحمانا. وهذا أحسن ما قيل في الفرق بينهما.

ومنع بعضهم كون (الرحمن) في البسملة نعتا لاسم الجلالة؛ لأنه علم آخر لا يطلق على غيره، والأعلام لا ينعت بها.

والصحيح أنه نعت له باعتبار ما فيه من معنى الوصفية، فـ (الرحمن) اسمه تعالى ووصفه، ولا تنافي اسميته وصفيته، فمن حيث هو صفة جرى تابعا على اسم الله، ومن حيث هو اسم ورد في القرآن غير تابع، بل ورود الاسم العلم؛ كقوله تعالى: (الرحمن على العرش استوى) (طه/5) . [1]

وقال الشيخ السعدي رحمه الله تعالى في تفسيره:

(( بِسْمِ اللَّهِ) أي: أبتدئ بكل اسم لله تعالى، لأن لفظ (اسم) مفرد مضاف، فيعم جميع الأسماء الحسنى.

(اللَّهِ) : هو المألوه المعبود، المستحق لإفراده بالعبادة، لما اتصف به من صفات الألوهية وهي صفات الكمال.

(الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) : اسمان دالان على أنه تعالى ذو الرحمة الواسعة العظيمة التي وسعت كل شيء، وعمت كل حي، وكتبها للمتقين المتبعين لأنبيائه ورسله. فهؤلاء لهم الرحمة المطلقة، ومن عداهم فلهم نصيب منها). [2]

قال الشيخ الالباني رحمه الله تعالى: (والحق أنه ليس في الجهر بالبسملة حديث صريح صحيح بل صح عنه صلى الله عليه وسلم الإسرار بها من حديث أنس وقد وقفت له على عشرة طرق ذكرتها في تخريج كتابي(صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم) أكثرها صحيحة الأسانيد وفي بعض ألفاظها التصريح بأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يجهر بها وسندها صحيح على

(1) شرح العقيدة الواسطية، ويليه ملحق الواسطية/ الشيخ محمد بن خليل حسن هرّاس (المتوفى 1395 هـ) ، ضبط نصه وخرَّج أحاديثه ووضع الملحق/ الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف، الناشر: دار الهجرة للنشر والتوزيع - الخبر، الطبعة الثالثة، 1415 هـ، ص 47 - 49. باختصار

(2) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ الشيخ عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي (المتوفى 1376 هـ) ، تحقيق عبد الرحمن بن معلا اللويحق، الناشر مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1420 هـ - 2000 م، ص 39.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام