فهرس الكتاب
الصفحة 94 من 218

كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ الأنعام 44 - ،و {كُلاًّ نُّمِدُّ هَؤُلاء وَهَؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُوراً} الإسراء 20 - ،و {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} هود 6 - ،و (( {مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً} الإسراء 18 - ،و {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} الذاريات 58 - ، و {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً} الإنسان 30 - . فلا مشيئة و لا إرادة لمخلوق في هذا العالم و إلا و هي محكومة بالإرادة الإلهية، و لا تتم إلا بعد مشيئة الله تعالى. و بما أن الرزق الحرام متعلق بإرادة الإنسان، و إرادته لا تتم إلا بعد مشيئة الله تعالى، فذلك الرزق لا يتم إلا بمشيئة من الله أيضا، و إن كان لا يُحبه و لا يرضاه، و أنه حرام و قد نهى عنه. بل أنه ذكر الله أقوما يتوسع في رزقهم، ثم يأخذهم أخذ عزيز منتقم، قال سبحانه: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ} الأنعام 44 - .

و من مغالطاتهم أيضا أن المُحسن الجشمي المعتزلي (ت 457 هـ) قال: (( ويقال: ما تقولون فيمن أطعم خمراً أو شيئاً حراماً أليس قد أعطاه رزقه عندكم؟ فلا بد من: بلى، فيقال: كل واحد منهما محمود أو مذموم؟ فإن قالوا: مذموم. قلنا: ولم هذا أعطاه رزقه وذاك أكل رزقه وهذا واضح. ويقال لهم: إذا وقف العبد يوم القيامة فيقال له: لِمَ عصيت وسرقت؟ فيقول: يا ربّ ما أخذت شيئاً قلّ أو كثر إلا وأنت جعلته رزقاً لي وكنتُ لا أتمكن من تركه، ولو لم تجعله رزقي ما أكلته وما أخذته، أهو صادقٌ أم كاذبٌ؟. فإن قالوا: كاذبٌ وافقونا، وإن قالوا: صادقٌ. قلنا: فإذا قال: يا ربّ إذا كنت صادقاً فلماذا أمرت بقطعي ولماذا تعذبني؟ وليس هذا بعدل منك أيحسن منك مثل ذلك وأنت أحكم الحاكمين؟ أليست العقول تشهد بصحة ذلك وتكون له الحجّة؟ وكلّ مذهب يؤدي إلى أن تكون الحجة للخلق على الخالق كان باطلاً ) ) [1] .

و أقول: اعتراضه هذا باطل و فيه تلبيس و تغليط، و مخالف لسنة الله في الكون، أقامه صاحبه على خلفيته المذهبية و لم يُقمه على الشرع الصحيح و لا على العقل الصريح. لأن الله تعالى خلق الكون و قدّر

(1) المحسن الجشمي: تحكيم العقول في تصح الأصول، ص: 127.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام