أظهر كتابنا هذا مظاهر متنوعة و كثيرة جدا من جنايات المعتزلة على العقل الصريح و الشرع الصحيح على المستويين المنهجي و التطبيقي. منها أنه تبين أن المعتزلة أقاموا مذهبهم على انحرافيّن جسيمين أفسدا عليهم مذهبهم، و كانا هما السبب فيما ارتكبوه من جرائم في حق الوحي و العقل، الأول هو تقديم المعتزلة لآرائهم و ظنونهم و أهوائهم على كلام الله و رسوله، و على العقل الصريح أيضا. و الثاني ممارسة المعتزلة للتأويل الفاسد في تعاملهم من النصوصو الشرعية.
و منها فقد اتضح جليا أن المعتزلة نفوا الصفات الإلهية، و عطّلوا الخبرية منها بالتأويل التحريفي، و تظاهروا من جهة أخرى بإثبات بعضها تلبيسا و تغليطا بدعوى أنهم يُثبتون الأسماء دون المعاني. فتناقضوا في موقفهم من الصفات من جهتين: الأولى هي أنهم نفوا الصفات بألفاظ لا تتضمن نفيا، بل تستلزم عدم نفيها.
و الجهة الثانية أنهم ركزوا على التوحيد بمعنى نفي الصفات، و هذا يستلزم نفي وجود الله أصلا، لأن نفيهم لصفاته يستلزم نفي وجوده. بحكم أن الموجود لابد له من صفات، و لا موجود دون صفات، و بما أنهم نفوا الصفات، فالذي لا صفات له هو المعدوم لا الموجود. فهذا تناقض أساسي في مذهبهم ينسفه من داخله.
و اتضح أيضا أن المعتزلة أخطؤوا في موقفهم من موضوعي القضاء و القدر، و الهداية و الضلال، مع أن الشرع قد بينهما بوضوح، و