فهرس الكتاب
الصفحة 137 من 218

رب لهذا العالم قبل مجيء الإسلام. قال سبحانه: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} لقمان 25 - .

و أخيرا - رابعا- إن قول الزمخشري بأن (( التقليد ليس بطريق؛ لأنه لا يتميز به حق من باطل ) ). لا يصح على إطلاقه، و إنما هو حسب نوعه، فإذا كان المقلد يُقلد عالما صالحا مستقيما: منهجا و سلوكا، فإن تقليده يكون صحيحا مستقيما، و به يسعد المُقلد، و ينتفع بتقليده، و به يعرف كثيرا من دينه معرفة صحيحة. و أما إذا قلّد إنسان آخر عالما حاله يخالف حال الأول، فالنتيجة تكون خلاف ما حصل مع الأول. و هذا الذي حصل مع التقليد، نفسه قد يحصل مع النظر، فإذا كان النظر العقلي مُستقيما موافقا للوحي الصحيح و العقل الصريح، فستكون نتيجته الوصول إلى معرفة الله تعالى و شريعته معرفة صحيحة. و إما إذا كان النظر العقلي مُنحرفا عن الشرع الصحيح و العقل الصريح، فالنتيجة ستكون خاطئة و ضارة بصاحبها.

و هذا لا يعني أن التقليد أحسن من النظر العقلي، أو أنه يُساويه، و إنما الذي أردتُ أن أقوله هو أن النظر العقلي لا يصلح لكل الناس. كما أن التقليد قد يصلح لكثير من الناس أو لأكثرهم، لأنه ليس في مقدورهم ممارسة النظر العقلي. و عليه يجب أن يُوجهوا لتقليد العلماء الصالحين الأكفاء من دون تمذهب لشخض واحد معين فقط، و لا تعصب أعمى له، لكي لا يتضرروا بتقليدهم لهم. و قد ثَبُت من سنة النبي -عليه الصلاة و السلام-، و صحابته من بعده، أن المسلمين كانت منهم طائفة تفرغت للعلم، و عامتهم تفرغوا لأعمال أخرى من حياتهم العملية. و مع ذلك كانوا كلهم مسلمين شهد لهم الشرع و التاريخ بالإيمان و العمل الصالح.

و النموذج الثاني يتعلق بتقسيم أنواع الموجودات، و فيه يقول المحسن بن كرامة الجشمي المعتزلي (ت: 457 هـ) : (( نقول: الموجودات ثلاثة: الجواهر، والأعراض، والقديم، وكل منها يختص بصفة ويخالف للآخر. فالجوهر: هو المتحيز القابل للأعراض، ويمنع غيره بأن يكون بحيث هو، ويدرك بحاستين، حاسة البصر واللمس. والعرض: لا يتحيز

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام