قَالَ"تُمَدّ الأَرْض مَدَّ الأَدِيم"الْحَدِيث وَفِيهِ"ثُمَّ يُؤْذَن لِي فِي الشَّفَاعَة فَأَقُول: أَيْ رَبّ عِبَادك عَبَدُوك فِي أَطْرَاف الأَرْض، قَالَ: فَذَلِكَ الْمَقَام الْمَحْمُود"وَرِجَاله ثِقَات وَهُوَ صَحِيح إِنْ كَانَ الرَّجُل صَحَابِيًّا. ا. هـ [1]
?قال ابن الجوزي رحمه الله:
(مقامًا محمودًا) وهو الذي يحمده لأجله جميع أهل الموقف، وفيه قولان: أحدهما: أنه الشفاعة للناس يوم القيامة، قاله ابن مسعود وحذيفة بن اليمان، وابن عمر، وسلمان الفارسي، وجابر بن عبدالله، والحسن، وهي رواية ابن أبي نجيح عن مجاهد.
والثاني: يجلسه على العرش يوم القيامة (وقد سبق بيان بطلان هذا القول وفساده) .ا. هـ [2]
?قال السيوطي رحمه الله:
(مقامًا محمودًا) يحمدك فيه الأولون والآخرون وهو مقام الشفاعة في فصل القضاء. ا. هـ [3]
?قال أبو بكر بن العربي رحمه الله:
إن قيام الليل فيه الخلوة مع الباري والمناجاة دون الناس، فيعطى الخلوة به ومناجاته في القيامة، فيكون مقامًا محمودًا، ويتفاضل فيه الخلق بحسب درجاتهم فأجلهم فيه درجة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإنه يُعطى من المحامد، ما لم يعط أحد، ويشفع ولا يشفع أحد. والله أعلم [4] .
?قال ابن عبدالبر رحمه الله:
بعد أن ذكر تفسير المقام المحمود بالشفاعة عن ابن مسعود وسلمان وحذيفة ومجاهد وقتادة قال: وممن روي عنه أيضًا أن المقام المحمود الشفاعة: الحسن البصري، وإبراهيم النخعي، وعلي بن الحسين بن علي، وابن شهاب، وسعيد ابن هلال وغيرهم. ا. هـ [5]
?قال القاضي عياض رحمه الله:
فصل في تفضيله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالشفاعة والمقام المحمود:
قال الله تعالى (عسى أن يبعثك ربك مقامًا محمودًا) .. وساق بسنده حديث ابن عمر (( إِنَّ النَّاسَ يَصِيرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جُثًا كُلُّ أُمَّةٍ تَتْبَعُ نَبِيَّهَا يَقُولُونَ يَا فُلانُ اشْفَعْ يَا فُلانُ اشْفَعْ حَتَّى تَنْتَهِيَ الشَّفَاعَةُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَلِكَ يَوْمَ يَبْعَثُهُ اللَّهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ ) ) [6] .. وغيره من الآثار والأحاديث إلى أن قال: فقد اجتمع من اختلاف ألفاظ هذه الآثار أن شفاعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومقامه المحمود من أول الشفاعات إلى آخرها، من حيث يجتمع الناس للحشر وتضيق بهم الحناجر، ويبلغ منهم العرق والشمس والوقوف مبلغه، وذلك قبل الحساب، فيشفع حينئذ لإراحة الناس من الموقف، ثم يوضع الصراط ويحاسب الناس كما جاء في الحديث عن أبي هريرة وحذيفة. ا. هـ [7]
?الإمام البقاعي رحمه الله:
فسر المقام المحمود المذكور في الآية الكريمة بالشفاعة وذكر أثر ابن عمر السابق [8] .
?قال الشوكاني رحمه الله:
(1) فتح الباري 8/ 509 - 510
(2) زاد المسير لعلم التفسير (ص 828) .
(3) تفسير الجلالين ص 290
(4) أحكام القرآن ج 3/ 1223
(5) فتح البر (2/ 102) .
(6) رواه البخاري في تفسير القرآن، باب قوله (عسى أن يبعثك ربك مقامًا محمودًا) (4349) .
(7) الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم (1/ 213 - 220) .
(8) نظم الدرر (11/ 495) .