فَاتُّضِعْتُ لَهُ فَقُلْتُ: لا وَاللَّهِ، بَلْ أَنْتَ أَقْرَأُ لِكِتَابِ اللَّهِ مِنِّي وَأَعْلَمُ بِسُنَّتِهِ مِنِّي.
قَالَ: فَإِنَّ الَّذِي قَرَأْتَ أَهْلُهَا هُمْ الْمُشْرِكُونَ، وَلَكِنْ قَوْمٌ أَصَابُوا ذُنُوبًا فَعُذِّبُوا بِهَا ثُمَّ أُخْرِجُوا صُمَّتَا وَأَهْوَى بِيَدَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ إِنْ لَمْ أَكُنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: يَخْرُجُونَ مِنْ النَّارِ، وَنَحْنُ نَقْرَأُ مَا تَقْرَأُ )) [1] .
عن جَابِر بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( إِنَّ قَوْمًا يُخْرَجُونَ مِنْ النَّارِ يَحْتَرِقُونَ فِيهَا إِلا دَارَاتِ [2] وُجُوهِهِمْ حَتَّى يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ) ) [3]
عن حذيفة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( يخرج قوم من النار قد محشتهم، بشفاعة الشافعين، فيدخلهم الله الجنة، فيسميهم الجهنميين ) ) [4] .
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( أَما أَهْلُ النَّارِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا فَإِنَّهُمْ لا يَمُوتُونَ فِيهَا وَلا يَحْيَوْنَ وَلَكِنْ نَاسٌ أَصَابَتْهُمْ النَّارُ بِذُنُوبِهِمْ أَوْ قَالَ بِخَطَايَاهُمْ فَأَمَاتَهُمْ إِمَاتَةً حَتَّى إِذَا كَانُوا فَحْمًا أُذِنَ بِالشَّفَاعَةِ فَجِيءَ بِهِمْ ضَبَائِرَ ضَبَائِرَ [5] فَبُثُّوا عَلَى أَنْهَارِ الْجَنَّةِ ثُمَّ قِيلَ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ أَفِيضُوا عَلَيْهِمْ فَيَنْبُتُونَ نَبَاتَ الْحَبَّةِ تَكُونُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ كَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ بِالْبَادِيَةِ ) ) [6] .
قال النووي رحمه الله:
(1) رواه أحمد في مسند جابر (14007) ، وقال الزين في المسند: إسناده صحيح (11/ 476) وهو حوار مخلص بين معلم ومتعلم لا يتمسك برأيه، وهذا هو الأدب في أخذ الرأي المخالف، أدى به إلى الرجوع إلى الحق.
(2) دارات: مفردها دارة، وهو ما يحيط بالوجه من جوانبه.
(3) رواه مسلم في الإيمان باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها (281) ، وأحمد في مسند جابر (14300) .
(4) رواه اللالكائي في اعتقاد أهل السنة (1179) ، وهو عند أحمد (22332) ولكن بلفظ (يخرج الله قومًا منتنين قد محشتهم النار .. الحديث ) ) قال الهيثمي: رواه أحمد من طريقين ورجالهما رجال الصحيح (مجمع الزوائد 10/ 380) ، ورواه الآجري في الشريعة (346) ، ورواه ابن أبي عاصم في السنة (836) من طريق آخر وقال الألباني: إسناده حسن، ومن طريق أخرى عن ابن أبي عاصم (835) وقال الألباني: إسناده صحيح على شرط مسلم.
(5) قال النووي: قال أهل اللغة: الضبائر: جماعات متفرقة (شرح مسلم 1/ 1002) .
(6) رواه البخاري في الإيمان (21) ، ومسلم في الإيمان باب في إثبات الشفاعة وإخراج الموحدين من النار (271) واللفظ له، والترمذي في صفة الجنة (2481) ،والنسائي في التطبيق (1128) ،وأحمد في مسند أبي سعيد (7392) ، والدارمي في الرقاق (2696) .