الصفحة 61 من 141

أجيب: بأنا لا نُسلِّمُ أن الجزء مغايرٌ للكلّ، فلو سُلّم فلو لم يكن (1) العملُ خارجاً عن الإيمان لَزِمَ تكرارٌ بلا فائدة، ولأنه شرطٌ لصحَّةِ الأعمال، قال الله تعالى: ?وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ? [طه: 112] ، والشرطُ يُغايرُ المشروطَ، وقد خاطبَ اللهُ تعالى باسم الإيمان ثمَّ أوجَبَ الأعمالَ فقال: ?يَا أيُّهَا الذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُم? [البقرة: 178 و183] ، وذا دليلُ التغايُرِ وقَصْرِ اسمِ الإيمان على التصديق، ولهذا فَزِعَ أعداءُ الله لَمَّا عايَنُوا العذابَ إلى التصديق دون غيره من الأعمال، نحو قول الله تعالى حكايةً عن فرعون حين أدرَكَهُ الغَرَقُ: ?آمَنْتُ أنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا الذي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إسْرَائِيلَ? [يونس:90] ، وعن قوم يونُسَ: ?آمَنَّا باللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ? [غافر: 84] .

وقد استدلَّ الإمامُ رحمه الله تعالى في المتن بجواز ارتفاعِ الأعمال عن المؤمن كارتفاع الصلاةِ عن الحائض والصومِ عنها، وسقوطِ الزكاة والحجِّ عن الفقير، والصلاةِ عن المريضِ العاجِزِ عن الإيماءِ، مع عدم ارتفاعِ الإيمان عنهم، فلو كان العملُ إيماناً لم يكن الفقراءُ كلُّهم مؤمنين، وهذا خَلْفٌ من القول.

(1) في (ص) و (ج) و (ب) : «أجيب بأنه لو لم يكن ... » ، والمثبت من (ف) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام