فقال رحمه الله تعالى: مذهب سائر المسلمين ، بل وسائر أهل الملل إثبات القيامة الكبرى ، وقيام الناس من قبورهم ، والثواب والعقاب هناك ، وإثبات الثواب والعقاب فى البرزخ - ما بين الموت الى يوم القيامة - هذا قول السلف قاطبة ، وأهل السنة والجماعة .
وإنما أنكر ذلك فى البرزخ قليل من أهل البدع ، لكن من أهل الكلام من يقول هذا ، إنما يكون على البدن فقط ، كأنه ليس عنده نفس تفارق البدن ، كقول من يقول ذلك من المعتزلة والأشعرية .
ومنهم من يقول: بل هو على النفس فقط ، بناءاً على أنه ليس فى البرزخ عذاب على البدن ولا نعيم ، كما يقول ذلك ابن ميسرة ، وابن حزم .
ومنهم من يقول: بل البدن ينعم ويعذب بلا حياة فيه ، كما قاله طائفة من أهل الحديث . ( __ )
فالأدلة الواردة في عذاب القبر ، متواترة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهي في الصحيحين ، وغير الصحيحين ، وقد سبقت ، ونذكر بعضها: -
الحديث الأول:
[ح204]
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنه - ، قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ مَكَّةَ ، أَوِ الْمَدِينَةِ ، سَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهِمَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( يُعَذَّبَانِ ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ ) ، ثُمَّ قَالَ: ( بَلَى ، كَانَ أَحَدُهُمَا لا يَسْتَبْرِئُ مِنْ بَوْلِهِ ، وَكَانَ الآخَرُ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ ) ، ثُمَّ دَعَا بِجَرِيدَةٍ فَكَسَرَهَا كِسْرَتَيْنِ ، فَوَضَعَ عَلَى كُلِّ قَبْرٍ مِنْهُمَا كِسْرَةً ، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لِمَ فَعَلْتَ هَذَا ، قَالَ: ( لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا ) ، أَوْ ( إِلَى أَنْ يَيْبَسَا ) .
التخريج:-