فهرس الكتاب
الصفحة 709 من 984

عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ"1 فَادَّعَيْتَ أَنَّهُ يُقْبِلُ عَلَيْهِ بِنِعْمَتِهِ وَثَوَابِهِ، وَأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: وَجْهُ اللَّهِ فِي الْمَجَازِ، كَمَا يُقَالُ: وَجْهُ الْحَائِطِ، وَوَجْهُ الثَّوْبِ."

وَيْلَكَ! فَهَذَا مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الْكُفْرِ مُحَالٌ فِي الْكَلَامِ فَإِنَّهُ لَا يُقال لِشَيْءٍ لَيْسَ مِنْ ذَوِي الْوُجُوهِ: أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ عَلَى إِنْسَانٍ أَوْ غَيْرِهِ إِلَّا وَالْمُقْبِلُ بِوَجْهِهِ مِنْ ذَوِي الْوُجُوهِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: لِلثَّوْبِ وَجْهٌ، وَالْحَائِطِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: أَقْبَلَ الثَّوْبُ بِوَجْهِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي2، وَأَقْبَلَ الْحَائِطُ بِوَجْهِهِ عَلَى فُلَانٍ، لَا يُقَالُ: أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ عَلَى شَيْءٍ إِلَّا مَنْ لَهُ الْقُدْرَةُ عَلَى الْإِقْبَالِ.

وَكُلُّ قَادِرٍ عَلَى الْإِقْبَالِ ذُو وَجْهٍ، هَذَا مَعْقُولٌ مَفْهُومٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، فَإِنْ جَهِلْتَهُ فَسَمِّ شَيْئًا مِنَ الْأَشْيَاءِ لَيْسَ مِنْ ذَوِي الْأَوْجُهِ يَجُوزُ3 أَنْ تَقُولَ: أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ عَلَى فُلَانٍ؛ فَإِنَّكَ لَا تَأْتِي بِهِ، فَافْهَمْ، وَمَا أَرَاكَ وَلَا إِمَامَكَ تَفْهَمَانِ هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ.

وَلَوْلَا كَثْرَةُ مَنْ يَسْتَنْكِرُ الْحَقَّ وَيَسْتَحْسِنُ الْبَاطِلَ مَا اشْتَغَلْنَا كُلَّ هَذَا الِاشْتِغَالِ بِتَثْبِيتِ وَجْهِ الله ذِي الْجلَال وَالْإِكْرَام، ولولم يَكُنْ فِيهِ إِلَّا اجْتِمَاعُ الْكَلِمَةِ مِنَ الْعَالِمِينَ:"أَعُوذُ بِوَجْهِ اللَّهِ الْعَظِيمِ وَأَعُوذُ بِوَجْهِكَ يَا رَبِّ"4،

1 تقدم تَخْرِيجه ص"704".

2 فِي ط، س، ش"على شَيْء أَو على المُشْتَرِي".

3 فِي ط، س، ش"يجوز لَك".

4 ثَبت أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم استعاذ بِوَجْه الله، فَفِي البُخَارِيّ عَن جَابر قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"أَعُوذُ بِوَجْهِك"، قَالَ: {أَو من تَحت أَرْجُلكُم} قَالَ:"أعوذ بِوَجْهِك ...".

الحَدِيث. انْظُر تَخْرِيجه ص"712".

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام