ثُمَّ اعْتَرَضَ الْمُعَارِضُ1 أَسْمَاءَ اللَّهِ الْمُقَدَّسَةَ فَذَهَبَ فِي تَأْوِيلِهَا مَذْهَبَ إِمَامِهِ الْمَرِيسِيِّ. فَادَّعَى أَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ غَيْرَ اللَّهِ، وَأَنَّهَا مستعارة مخلوقة كَمَا أَن قَدْ يَكُونُ شَخْصٌ بِلَا اسْمٍ. فَتَسْمِيَتُهُ لَا تَزِيدُ فِي الشَّخْصِ، وَلَا تَنْقُصُ، يَعْنِي أَنَّ اللَّهَ كَانَ مَجْهُولًا كَشَخْصٍ مَجْهُولٍ. لَا يَهْتَدِي لِاسْمِهِ. وَلَا يُدْرَى مَا هُوَ، حَتَّى خَلَقَ الْخَلْقَ فَابْتَدَعُوا لَهُ أَسْمَاءً مِنْ مَخْلُوقِ كَلَامِهِمْ. فَأَعَارُوهَا إِيَّاهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْرَفَ لَهُ اسْمٌ قَبْلَ الْخَلْقِ.
وَمَنِ ادَّعَى هَذَا التَّأْوِيلَ2 فَقَدْ نَسَبَ اللَّهَ تَعَالَى إِلَى الْعَجْزِ وَالْوَهَنِ3 وَالضَّرُورَةِ4 وَالْحَاجَةِ إِلَى الْخَلْقِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ مُحْتَاجٌ مُضْطَرٌّ، وَالْمُعِيرُ أَبَدًا أَعْلَى مِنْهُ وَأَغْنَى. فَفِي هَذِهِ الدَّعْوَى اسْتِجْهَالُ الْخَالِقِ. إِذْ كَانَ بِزَعْمِهِ هَمْلًا لَا يُدْرَى مَا اسْمُهُ وَمَا هُوَ وَمَا صِفَتُهُ5 وَاللَّهُ الْمُتَعَالِي عَنْ هَذَا الْوَصْف
1 فِي ط، ش، س"الْمُعْتَرض".
2 فِي ط، ش، س زِيَادَة"فِي أَسمَاء الله"بعد قَوْله:"وَمن ادّعى هَذَا التَّأْوِيل".
3 قَالَ الْجَوْهَرِي فِي الصِّحَاح 2/ 717 مَادَّة"وَهن":"الوهن: الضعْف، وَقد وَهن الْإِنْسَان ووهنه غَيره، يتَعَدَّى وَلَا يتَعَدَّى ووهن وَهنا أَي ضعف، وأوهنته أَيْضا ووهنته توهينًا ...".
4 قَالَ الْجَوْهَرِي فِي الصِّحَاح 2/ 10 مَادَّة"ضَرَر":"وَرجل ذُو ضارورة وضرورة أَي ذُو حَاجَة، وَقد اضْطر إِلَى الشَّيْء أَي ألجئ إِلَيْهِ. قَالَ الشَّاعِر:"
أثيبى أَخا ضارورة أًصفق العدا ... عَلَيْهِ وَقلت فِي الصّديق أواصره
5 فِي ط، ش، س"لَا يدْرِي مَا اسْمه وَهُوَ مَا وَصفته"ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل.