فهرس الكتاب
الصفحة 202 من 984

بَابُ الْحَدِّ وَالْعَرْشِ:

قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: وَادَّعَى الْمُعَارِضُ أَيْضًا أَنَّهُ لَيْسَ لِلَّهِ حَدٌّ وَلَا غَايَةٌ وَلَا نِهَايَةٌ. وَهَذَا هُوَ1 الْأَصْلُ الَّذِي بنى عَلَيْهِ جهم2 ضَلَالَاتِهِ وَاشْتَقَّ مِنْهَا3 أُغْلُوطَاتِهِ، وَهِيَ كَلِمَةٌ لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّهُ سَبَقَ جَهْمًا إِلَيْهَا أَحَدٌ مِنَ الْعَالَمِينَ.

فَقَالَ/ لَهُ قَائِلٌ مِمَّنْ يُحَاوِرُهُ4 قَدْ عَلِمْتُ مُرَادَكَ بِهَا5 أَيُّهَا الأعجمي، وتعني أَن لله لَا شَيْءٌ، يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الشَّيْءِ إِلَّا وَلَهُ حَدٌّ وَغَايَةٌ6 وَصِفَةٌ، وَأَنَّ لَا شَيْءٌ لَيْسَ لَهُ حَدٌّ وَلَا غَايَةٌ وَلَا صِفَةٌ, فَالشَّيْءُ أَبَدًا مَوْصُوفٌ لَا مَحَالَةَ وَلَا شَيْءٌ يُوصَفُ بِلَا حَدٍّ وَلَا غَايَةٍ وَقَوْلُكَ: لَا حَدَّ لَهُ يَعْنِي أَنَّهُ لَا شَيْءٌ.

قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: وَاللَّهُ تَعَالَى لَهُ حَدٌّ7 لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ غَيره، وَلَا يجوز

1 لَفْظَة"هُوَ"لَيست فِي ط، س، ش.

2 هُوَ جهم بن صَفْوَان، تقدّمت تَرْجَمته ص"147"."

3 فِي ط، ش"مِنْهُ".

4 فِي ط، ش،"مِمَّن حاوره".

5 قَوْله:"بهَا"لَيْسَ فِي ط، س، ش.

6 فِي س"حد أَو غَايَة".

7 لفظ الْحَد من جنس لفظ الْجِهَة والجسم والحيز وَنَحْوهَا لم ترد فِي الْكتاب وَالسّنة نفيا وَلَا إِثْبَاتًا بل هِيَ من الْأَلْفَاظ الاصطلاحية الْحَادِثَة، فَمن أطلق لفظ الْحَد نفيا أَو إِثْبَاتًا سُئِلَ عَمَّا أَرَادَ بِهِ فَإِن أُرِيد بالْقَوْل بِأَن لله حد أَنه مُنْفَصِل عَن الْخلق بَائِن مِنْهُم فَهَذَا حق كَمَا قَالَ ابْن الْمُبَارك لما قيل لَهُ: بِمَ نَعْرِفُ رَبَّنَا؟ قَالَ: بِأَنَّهُ عَلَى الْعَرْشِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ، قيل: بِحَدّ أَي أَنه مُنْفَصِل عَن الْخلق بَائِن مِنْهُم.

وَإِذا أُرِيد بِنَفْي أَن الْعباد لَا يعلمُونَ لله حدًّا وَلَا يحدون صِفَاته وَلَا يكيفونها فَهَذَا أَيْضا حق، وَالْخُلَاصَة أَن لفظ الْحَد لم يرد فِي الْكتاب وَالسّنة بِنَفْي، وَلَا إِثْبَات، فَمن أطلقهُ سُئِلَ عَمَّا أَرَادَ بِهِ، فَإِن قصد معنى حقًّا قبل، وَإِن قصد معنى بَاطِلا رد.

انْظُر: مَجْمُوع الفتاوي لشيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية 3/ 41-43، 5/ 298-309، 6/ 38-40، وَشرح الطحاوية تَخْرِيج الألباني ص"238-240".

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام