فهرس الكتاب
الصفحة 99 من 112

يقول سيد قطب رحمه الله تعالى عند هذه الآية بعد أن ذكر محاولات المشركين لمساومة الرسول - صلى الله عليه وسلم - على كثير من أمور دينه ودعوته ومن ذلك: ترك التنديد بآلهتهم وما كان عليه آباؤهم إلى غير ذلك.. يقول:"هذه المحاولات التي عصم الله منها رسوله، وهي محاولات أصحاب السلطان مع أصحاب الدعوات دائماً، محاولة إغرائهم لينحرفوا ولو قليلاً عن استقامة الدعوة وصلابتها. ويرضوا بالحلول الوسط التي يغرونهم بها في مقابل مغانم كثير. ومن حملة الدعوات من يفتن بهذا عن دعوته لأنه يرى الأمر هيناً. فأصحاب السلطان لا يطلبون إليه أن يترك دعوته كلية، إنما هم يطلبون تعديلات طفيفة ليلتقي الطرفان في منتصف الطريق. وقد يدخل الشيطان على حامل الدعوة من هذه الثغرة، فيتصور أن خير الدعوة في كسب أصحاب السلطان إليها ولو بالتنازل عن جانب منها! ولكن الانحراف الطفيف في أول الطريق ينتهي إلى الانحراف الكامل في نهاية الطريق، وصاحب الدعوة الذي يقبل التسليم في جزء منها ولو يسير، وفي إغفال طرف منها ولو بضئيل، لا يملك أن يقف عند ما سلم به أول مرة.. لأن استعداده للتسليم يتزايد كلما رجع خطوة إلى الوراء! وأصحاب السلطان يستدرجون أصحاب الدعوات، فإذا سلموا في الجزء، فقدوا هيبتهم وحصانتهم، وعرف المتسلطون أن استمرار المساومة، وارتفاع السعر ينتهيان لكسب أصحاب السلطان إلى صفها، هو هزيمة روحية بالاعتماد على أصحاب السلطان في نصر الدعوة. والله وحده هو الذي يعتمد عليه المؤمنون بدعوتهم.. ومتى دبّت الهزيمة في أعماق السريرة، فلن تنقلب الهزيمة نصراً!"اهـ.

نعم.. وإننا لنرى كثيراً من دعاة اليوم قد اتخذهم الطغاة أخلاّء، فهم لا يضرونهم أو يعادونهم.. لأن أولئك الدعاة قد أظهروا الرضى عن كثير من باطلهم فالتقوا معهم في منتصف الطريق.. وجالسوهم في الندوات والحفلات والهلكات.

ومن أمثلة هذه الأساليب في واقعنا المعاصر..:

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام