وهكذا كان أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - في تعاملاته مع الناس في الحروب وغيرها، فها هو العباس بن عبد المطلب وقد كان يدّعي الإسلام وينتسب إليه، انظر على سبيل المثال (88 و89 و91/6) من مجمع الزوائد، و (ص242-246/4) من مشكل الآثار وغيره.. ولكنه بقي في مكة وهي دار كفر آنذاك ولم يهاجر إلى دار الإسلام وخرج مع المشركين يوم بدر، فأسره المسلمون وعاملوه على ظاهره لا بما زعمه وادعاه من إبطان الإسلام، لأنه خرج في صفوف المشركين يكثر سوادهم، وروي أنه زعم أنه كان مكرهاً في الخروج معهم كما في بعض الآثار المشار إليها آنفاً، وفي بعضها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له عندما رآه يتعذّر بالإكراه ويدعي الإسلام:"الله أعلم بشأنك إن يك ما تدعي حقاً فالله يجزيك بذلك، فأما ظاهر أمرك فقد كان علينا فافد نفسك.."رواه الإمام أحمد ورجاله ثقات، إلا أن فيه راوٍ لم يُسم، وعلى كل حال يكفينا في هذا ما هو ثابت في صحيح البخاري وغيره، من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عامله بظاهر أمره ولم يطلقه إلا بعدما فدى نفسه كبقية الأسرى المشركين.. ولعل من هذا الباب أيضاً ما جاء في صحيح مسلم من حديث عمران بن حصين في قصة الرجل من بني عقيل الذي كان من حلفاء ثقيف أسر ولم يطلقه النبي - صلى الله عليه وسلم - رغم ادعائه الإسلام، انظره في مختصر المنذري تحت رقم (1008) ..