* كما فرّقوا فيما يُهدّد به المكره ويُخوّف بين الإكراه على المعاصي، وبين الإكراه على قول كلمة الكفر أو موالاة الكفار وأمثاله، فلم يُجوّزوا الثاني إلا لمن عُذّب عذاباً لا طاقة له به، وذكروا القتل والتحريق بالنار وقطع الأعضاء والتخليد في السجن وأمثال ذلك، وعمار رضي الله عنه هو الذي نزلت بسببه آيات التقية، ومعروف أنه لم يقل ما قال إلا بعدما رأى مقتل أمه وأبيه، وبعدما ذاق من العذاب ألواناً، فكسرت ضلوعه وأوذي في الله أذىً شديداً.. وأكثر هؤلاء المتعذّرين بالتقية ممن أوضعوا في الفتنة وغرقوا في الباطل والشرك لم ينلهم عشر معشار ما ناله.. ولكن كما قلنا سابقاً؛ من يُرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئاً..
أضف إلى هذا أن أهل العلم يذكرون مع ذلك في أبواب الإكراه على كلمة الكفر؛ أن الأخذ بالعزيمة والصبر على الأذى واحتساب الأجر عند الله تعالى أعظم وأفضل، وهذه مواقف الصحابة وتابعيهم والأئمة شاهدة بذلك فبأمثال هذه المواقف يكون إظهار الدين وإعزازه، وانظر صحيح البخاري باب (من اختار الضرب والقتل والهوان على الكفر) والشواهد في ذلك كثيرة وكذا مواقف الأئمة أكثر من أن تحصى كموقف الإمام أحمد في فتنة خلق القرآن وغيرها كثير...
ويذكرون قوله تعالى: { ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله } [العنكبوت: 10] .