وهو مطابق لكلام الشيخ ابن عتيق السابق وكلام الشيخ سليمان الآتي بعده.. وهو كلام خطير، أعلم علم اليقين بأنه لو كان من كلامنا وليس من كلام هؤلاء الأئمة الأعلام لقيل: خوارج وتكفير.. مع أن الآية نص واضح عليه.. وهذه القضية تختلف عن قضية الإكراه على كلمة الكفر التي يُعذر صاحبها، فنحن هاهنا مع أناس لم يُكرهوا ولم يُضربوا ولم يُعذبوا وإنما حملهم على إظهار الموافقة والولاء للمشركين، حب الدنيا والخوف عليها والطمع بالمال والمشحة بالمسكن (والأرض والقرض كما يقولون) فهو استحباب للحياة الدنيا على الآخرة واشتراء لمتاعها الزائل ببذل الدين والتوحيد والعقيدة.. ربما تستروا مع ذلك بالإكراه وادعوا الضرورات وليسوا في الحقيقة من أهلها، لذا قال تعالى في سورة آل عمران بعدما نهى عن موالاة أعدائه وأباح التقية للمكره الحقيقي، قال محذّراً: { ويُحذّركم الله نفسه وإلى الله المصير * قل إن تخفوا مَا فِي صدوركم أو تبدوه يعلمه الله... } [آل عمران: 28-29] ، وقال في الآية التي تلتها مباشرة: { يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً ويُحذركم الله نفسه.. } [آل عمران: 30] ، وهذا من أعظم الوعيد والتهديد لمن تدبّر كتاب الله وعقله.. ولكن من يُرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئاً.. ذلك أن كثيراً ممن لاخلاق لهم يتعذّرون بالإكراه وليسوا من أهله.. وقد ذكر العلماء شروطاً لصحة الإكراه منها:
-أن يكون المكره (بكسر الراء) قادراً على إيقاع ما يُهدد به، والمأمور المكرهَ عاجزاً عن الدفع ولو بالفرار..
-أن يغلب على ظنّه أنه إذا امتنع أوقع به ذلك.
-أن يكون ما هُدّد به فورياً، فلو قال: إن لم تفعل كذا ضربتك غداً، لا يعد مكرهاً.
-أن لا يظهر من المأمور ما يدل على تماديه بأن يعمل زيادة على ما يمكن أن يزول به عنه البلاء.