لذلك كله ولأجل أن دعوته كانت كذلك فإن الظالمين ما رضوا عنه يوماً ما، ولا طابت أنفسهم أو قرت أعينهم بدعوته.. بل ثارت ثائرتهم وقامت قيامتهم.. وكم ساوموه.. ولكنه وقف شامخاً ينظر إلى باطلهم وجموعهم التي يكيدونه بها، ويترفع مع حرصه على هدايتهم عن الالتقاء معهم على الباطل في منتصف الطريق أو اتباع قليل من بعض ما يهوونه أو يحبونه من باطلهم.. بل كان يقول لهم بعد ذلك ودائماً كما أمره ربّه أن يقول: { قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد } [آل عمران: 12] .
يقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن بعدما ذكر بعض مواقف الصدع والثبات لأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم:"فهذه حال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما لقوا من المشركين من شدة الأذى، فأين هذا من حال هؤلاء المفتونين الذين سارعوا إلى الباطل وأوضعوا فيه وأقبلوا وأدبروا وتوددوا وداهنوا وركنوا وعظموا ومدحوا؟ فكانوا أشبه بما قال الله تعالى: { ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سئلوا الفتنة لأتوها وما تلبثوا بها إلا يسيراً } [الأحزاب: 14] ، نسأل الله تعالى الثبات على الإسلام، ونعوذ به من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، ومن المعلوم أن الذين أسلموا وآمنوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وبما جاء به لولا أنهم تبرؤوا من الشرك وأهله وبادروا المشركين بسب دينهم وعيب آلهتهم لما تصدوا لهم بأنواع الأذى..."أهـ. من الدرر - جزء الجهاد ص (124) .