* ثم ومع ذلك كلّه فلا بد من معرفة قضية أخيرة هنا.. وهي أن هذا الصدع بإظهار العداوة والبراءة من الكفّار المعاندين وإبداء الكفر بمعبوداتهم وباطلهم المتنوع في كل زمان، وإن كان هو الأصل في حال الداعية المسلم.. وهو صفة الأنبياء وطريق دعوتهم المستقيم الواضح.. ولن تفلح هذه الدعوات ولن يصلح مرادها وحالها ولن يظهر دين الله ولن يعرف الناس الحق إلا بالتزام ذلك واتباعه، مع ذلك يقال بأنّه إذا صدعت به طائفة من أهل الحق سقط عن الآخرين والمستضعفين منهم من باب أولى، وذلكم الصدع به، أما هو بحد ذاته فإنّه واجب على كل مسلم في كل زمان ومكان لأنّه كما أسلفنا من لا إله إلا الله التي لا يصح إسلام امرىء إلا بها، أما أن يهمل ويلغى الصدع به كلية من حساب الدعوات مع أنّه أصل أصيل في دعوات الأنبياء، فأمر غريب محدث ليس من دين الإسلام في شيء، بل دخل على هؤلاء الدعاة الذين يدعون بغير هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - بتقليدهم ومحاكاتهم للأحزاب الأرضية وطرائقها التي تدين بالتقية في كل أحوالها ولا تبالي بالمداهنة أو تتحرج من النفاق..