فلمثل هؤلاء نقول: لو أن ملة إبراهيم كانت هكذا لما ألقاه قومه من أجلها في النار، بل ربما لو أنه داهنهم وسكت عن بعض باطلهم ولم يسفه آلهتهم ولا أعلن العداوة لهم واكتفى بتوحيد نظري يتدارسه مع أتباعه تدارساً لا يخرج إلى الواقع العملي متمثلاً بالولاء والبراء والحب والبغض والمعاداة والهجران في الله. ربما لو أنه فعل ذلك لفتحوا له جميع الأبواب، بل ربما أسسوا له مدارس ومعاهد كما في زماننا يدرس فيها هذا التوحيد النظري.. ولربما وضعوا عليها لافتات ضخمة وسموها: مدرسة أو معهد التوحيد، وكلية الدعوة وأصول الدين.. وما إلى ذلك.. فهذا كله لا يضرهم، ولا يؤثر فيهم ما دام لا يخرج إلى الواقع والتطبيق.. ولو خرجت لهم هذه الجامعات والمدارس والكليات آلاف الأطروحات ورسائل الماجستير والدكتوراه في الإخلاص والتوحيد والدعوة.. لما أنكروا ذلك عليها، بل لباركوها ومنحوا أصحابها جوائز وشهادات وألقاباً ضخمة، ما دامت لا تتعرض لباطلهم وحالهم وواقعهم وما دامت على ذلك الحال الممسوخ.
* يقول الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن في الدرر السنية:"لا يُتصور أن -أحداً- يعرف التوحيد ويعمل به ولا يعادي المشركين ومن لم يعادهم لا يقال له عرف التوحيد وعمل به"أهـ. جزء الجهاد ص167.