فهرس الكتاب
الصفحة 101 من 112

* ومن ذلك أيضاً ما يلجأ إليه كثير من هؤلاء الطواغيت من تجنيد العلماء وشغل أوقاتهم لصالحهم في محاربة خصومهم ومن يخافونهم على أنظمتهم وحكوماتهم كالشيوعيين مثلاً أو الشيعة أو غيرهم ممن يهددونهم ويهددون حكمهم.. فيلجأ الطاغوت إلى بعض هؤلاء العلماء المتحمسين المبغضين لتلك الاتجاهات الضالة.. فيعينهم على أولئك الأعداء المشتركين ويخادع هؤلاء العلماء بإظهار حرصه على الدين وعلى أهله وتخوفه من أولئك على حرمات المسلمين، ويمدهم بالعون والدعم المادي والمعنون لمحاربة أولئك.. فيسقط هؤلاء المساكين بحبائله ويضيعون أعمارهم وأوقاتهم ودعواتهم في نصرة عدو على عدو.. بل يصل الحال بكثير منهم بأن يلغوا عداوتهم للطاغوت القريب ويصادقونه بل ربما أصبحوا في يوم من الأيام جنداً وأعواناً مخلصين له ولحكومته.. يكرسون حياتهم في خدمته وتثبيت عرشه وحكمه ودولته.. شعروا أو من حيث لا يشعرون.. وليتهم عقلوا قولة العبد الصالح: { رب بما أنعمت عليّ فلن أكون ظهيراً للمجرمين } [القصص: 17] ، فقد نقل القرطبي في هذه الآية عن بعض الروايات"أن الإسرائيلي الذي استنصر موسى كان كافراً وإنما قيل له من شيعته لأنه كان إسرائيلياً ولم يُرد الموافقة في الدين.. فعلى هذا ندم لأنه أعان كافراً على كافر، فقال:"لا أكون بعدها ظهيراً للكافرين"وظهيراً: أي معيناً. وليتهم عقلوا قوله تعالى: { يا أيّها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة.. } [التوبة: 123] . إذاً لما وقعوا فيما وقعوا فيه.. فإن أولئك الشيوعيين أو غيرهم وإن كانوا أعداء للإسلام وأهله.. وعداوتهم والبراءة منهم والكفر بباطلهم مطلوبة أيضاً.. إلا أن البدء بالأهم فالأهم والأقرب فالأقرب أمر مقرر ومعروف في سيرة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، بل وتأبى العقول السليمة خلافه، ذلك لأن خطر الأقرب المباشر وتأثيره وفساده وفتنته أعظم وأشد من البعيد، أو القريب غير المباشر،"

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام